ثم انه لو سلم تمامية دلالة الآية (١) على حجية خبر العدل ربما أشكل (٢) شمول مثلها للروايات الحاكية لقول الإمام عليهالسلام
______________________________________________________
(١) بناء على أن موضوع وجوب التبين طبيعة النبأ حتى يصح الاستدلال بمفهوم الشرط كما عرفت توضيحه.
(٢) هذا إشكال آخر على الاستدلال بجميع أدلة حجية خبر الواحد من دون اختصاص له بآية النبأ ، بخلاف الإشكالات المتقدمة ، فانها مختصة بها ، وقد أشار إلى عدم اختصاص هذا الإشكال بآية النبأ بقوله : «مثلها». والغرض من هذا الإشكال : أن المقصود من حجية خبر الواحد ـ وهو إثبات السنة بالأخبار التي وصلت إلينا مع الواسطة عن الحجج المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ـ لا يترتب على حجيته ، لقصورها عن ذلك ، توضيحه : أن حجية الخبر ـ المعبر عنها بوجوب تصديق العادل ـ انما هي بلحاظ الأثر الشرعي الثابت للمخبر به ، إذ لو لم يكن له أثر شرعي كانت الحجية لغواً ، فإذا أخبر بأن زيداً مجتهد مثلا ، فوجوب تصديقه لا بد أن يكون بلحاظ أثره الشرعي كجواز التقليد المترتب على اجتهاد زيد ، وإلّا كان وجوب تصديقه لغوا ، وحينئذ فوجوب تصديقه المستفاد من دليل حجية الخبر حكم ، وخبره والمخبر به وهو اجتهاد زيد وأثره الشرعي وهو جواز تقليده موضوع ، ومن المعلوم لزوم تغاير كل حكم مع موضوعه ، وعدم إمكان اتحادهما ، فإذا لم يكن في مورد أثر شرعي للخبر إلّا نفس وجوب التصديق الثابت بدليل حجية الخبر لم يمكن ترتيب هذا الأثر على وجوب
__________________
غير معلوم أصلا.
وبالجملة : فيندفع اشتراك التعليل بجعل الجهالة بمعنى السفاهة ، ويختص بنبإ الفاسق. لكن الإشكال كله في دلالة الآية على المفهوم ، لما عرفت من ابتنائه على كون الموضوع طبيعة النبأ ، وهو غير ثابت فتدبر جيداً.