.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
الثانية : أن مناط استحقاق العقوبة ـ وهو العزم على التمرد والطغيان ـ غير اختياري ، لانتهائه إلى الشقاوة الذاتيّة التي لا تعلل.
وفي كلتا الدعويين ما لا يخفى ، إذ في الأولى : أن الملتفت إليه أولا وبالذات هو نفس القطع ، والالتفات إلى المقطوع به انما يكون بواسطته ، فالقطع كالنور في كونه هو المرئي أولا وبالذات وأن الأشياء ترى بسببه ، ومع أصالته في إضاءة الأجسام كيف يغفل عنه؟ نعم لا بأس بإنكار الالتفات التفصيليّ غالباً ، لكنه ليس إنكاراً لأصل الالتفات ولو إجمالاً ، بل الالتفات التفصيليّ في بعض الموارد كالاحكام الشرعية مما لا يقبل الإنكار.
وبالجملة : فالفعل المتجري به من جهة مصداقيته لهتك حرمة المولى قبيح عقلا ، ومنع قبحه لعدم كونه بعنوان مقطوع الحرمة اختيارياً حيث انه بهذا العنوان مغفول عنه غير سديد ، لما مر آنفاً.
وفي الثانية : أن مناط استحقاق العقوبة هو نفس الفعل المتجري به الّذي هو فعل صادر بإرادة الفاعل واختياره ، لما في نفسه من القيومية والقدرة على الفعل والترك ، فهذه الإرادة من أفعال النّفس ، وقائمة بها نحو قيام صدوري ، فان الله تعالى شأنه خلقها مختارة فيما تشاء من فعل شيء أو تركه ، وليس المراد بالإرادة هنا هو الشوق المؤكد التي هي صفة نفسانية قائمة بها قياماً حلولياً وخارجة عن الاختيار ومنتهية إلى الشقاوة الذاتيّة.
والحاصل : أن مناط اختيارية الفعل هو صدوره عن إرادة ناشئة من قيومية النّفس التي هي بحسب خلقتها قادرة على الفعل والترك ، ومتعلق التكاليف هو الفعل الصادر عن هذه الإرادة ، لا الإرادة المنتهية إلى الشقاوة الذاتيّة كما