وإذا انتهى الأمر إليه (١) يرتفع الإشكال وينقطع السؤال بلِمَ ، فان الذاتيات ضروري (٢) الثبوت للذات ، وبذلك (٣) أيضا ينقطع السؤال عن أنه لم اختار الكافر والعاصي الكفر والعصيان والمطيع والمؤمن الإطاعة والإيمان؟ فانه يساوق السؤال عن أن الحمار لِمَ يكون ناهقاً والإنسان لِمَ يكون ناطقاً (*)؟
______________________________________________________
(١) أي : إلى الذاتي.
(٢) الصواب «ضرورية الثبوت».
(٣) يعني : وبانتهاء الأمر إلى النقصان الذاتي ينقطع السؤال أيضا بأن المؤمن والمطيع والعاصي والكافر لِمَ اختاروا الإيمان والإطاعة والكفر والعصيان ، لانتهاء الأمر في جميعها إلى الكمال والنقصان الذاتيين اللذين لا ينفكان عن الذات كناطقية الإنسان وناهقية الحمار ، هذا.
ولا يخفى أن هذا الكلام مناف لأصول مذهبنا ، إذ هو مساوق للجبر الّذي لا يقول به الإمامية ، وقد سمعتُ غير مرة من بعض أعاظم تلامذة الماتن : أن ما ذكره هنا وفي مبحث الطلب والإرادة كان جرياً على مذاق الفلاسفة ، وبعد أن طبعت الكفاية أظهر المصنف التأثر من طبع هذين الموضعين. وكيف كان فهو أجل من أن يكون معتقداً بما ذكره في المقامين ، ولتحقيق ما هو الموافق لأصول المذهب من عدم الجبر والتفويض وإثبات الأمر بين الأمرين مقام آخر. وقد ذكرنا شطراً من هذا الكلام في الجزء الأول في مبحث الطلب والإرادة ، فراجع.
__________________
(*) لا يخفى أن مرجع ما ذكره دعويان لا يمكن الالتزام بشيء منهما :
الأولى : أن الفعل الصادر تجرياً ليس بعنوان كونه مقطوع الحرمة اختيارياً لأنه بهذا العنوان مغفول عنه.