فان (١) الدليل الدال على إلغاء الاحتمال لا يكاد يكفي إلّا بأحد التنزيلين ، حيث (٢) لا بد في كل تنزيل منهما (٣) من لحاظ المنزل والمنزل عليه ، ولحاظهما (٤)
______________________________________________________
والطريقية وغيرهما ، إلّا أن الإطلاق ممتنع في المقام ، لاستلزامه اجتماع الضدين ، توضيحه : أنه لا بد في كل تنزيل من لحاظ المنزل والمنزل عليه معاً ، والمنزّل في المقام هو الأمارة والمنزل عليه هو القطع ، وحينئذ فتنزيل الأمارة منزلة القطع الموضوعي موقوف على لحاظ القطع استقلالا ، لأن مقتضى موضوعية الشيء هو استقلاله في اللحاظ من دون كونه تبعاً للغير ، وتنزيلها منزلة القطع الطريقي موقوف على لحاظه آلة للغير وهو الواقع المنكشف به ، فيكون الواقع هو الملحوظ بالاستقلال وهو المنزل عليه في الحقيقة حينئذ ، فلحاظ القطع آلي ، ومن الواضح أن هذين اللحاظين متضادان ، فيمتنع اجتماعهما في إنشاء واحد.
والحاصل : أن تنزيل الأمارة منزلة القطع الموضوعي الطريقي يستلزم لحاظ المنزل عليه ـ وهو القطع ـ بلحاظين متضادين في إنشاء واحد ، لحاظ استقلالي نظراً إلى موضوعيته ، ولحاظ آلي نظراً إلى طريقيته ، وهو محال.
فالنتيجة : أن دليل حجية الأمارة قاصر عن إثبات التنزيلين معاً ، فلا بد أن يكون ناظراً إلى أحدهما ، فلا وجه للتشبث بإطلاق دليل التنزيل لإثبات قيام الأمارة مقام القطع الموضوعي الطريقي.
(١) هذا تقريب فساد التوهم ، وقد عرفت توضيحه.
(٢) تعليل لعدم وفاء الدليل إلّا بأحد التنزيلين.
(٣) أي : من التنزيلين.
(٤) يعني : ولحاظ المنزل والمنزل عليه في أحد التنزيلين ـ وهو تنزيل