فانه (١) وان لم يكن باختياره (*) إلّا أنه بسوء (٢) سريرته وخبث باطنه بحسب نقصانه واقتضاء استعداده ذاتاً وإمكاناً (٣) [وإمكانه]
______________________________________________________
حقه تبارك وتعالى ، بل لما يقتضيه ذات العاصي ، وإذا انتهى الأمر إلى ذاتي الشيء ارتفع الإشكال وانقطع السؤال بأنه لم اختار العاصي المعصية ... إلى آخر ما تقدم بيانه.
ثانيهما : النقض بالمعصية الحقيقية كشرب الخمر ، حيث انه يصدر عن العاصي بإرادته التي ليست بجميع مباديها اختيارية ، فما يتخلص به عن إشكال استحقاق العقوبة على العصيان يتخلص به عن ذلك في التجري.
(١) أي : فان التجري وان لم يكن باختياره إلّا أنه ناش عن الشقاوة الذاتيّة.
(٢) الباء للسببية ، وضمير «أنه» راجع إلى التجري وضمائر «سريرته ، باطنه ، نقصانه ، استعداده» راجعة إلى العبد. وقوله (قده) : «بحسب» قيد لقوله : «خبث باطنه» يعني : أن تجري العبد انما هو بسبب سوء سريرته وخبث باطنه بسبب نقصانه الذاتي واقتضاء استعداده للتجري ذاتاً ، فالتجري ناش عن نقصان في ذات العبد وغير منفك عنه كسائر ذاتيات الأشياء. وبناء على ما في بعض النسخ من «إمكانه» بدل «إمكاناً» فهو عطف على «استعداده» والمعنى واضح.
(٣) أي : اعتباراً ، إذ الإمكان من الأمور الاعتبارية ، والمراد بالاستعداد الذاتي هو النقصان ماهية ، يعني : أن النقصان ماهوي واعتباري.
__________________
(*) كيف لا وكانت المعصية الموجبة لاستحقاق العقوبة غير اختيارية ، فانها هي المخالفة العمدية وهي لا تكون بالاختيار ، ضرورة أن العمد إليها ليس باختياري ، وانما تكون نفس المخالفة اختيارية ، وهي غير موجبة للاستحقاق ، وانما الموجبة له هي العمدية منها ، كما لا يخفى على أولى النهي.