ان (١) حسن المؤاخذة والعقوبة انما يكون من تبعة بعده عن سيده بتجريه (٢) عليه كما كان من تبعته (٣) بالعصيان في صورة المصادفة ، فكما أنه يوجب البعد عنه كذلك (٤) لا غرو في أن يوجب حسن العقوبة ،
______________________________________________________
الميل إلى القبيح لمعلول للشقاوة وهي سوء السريرة المستند إلى ذاته ، ومن المعلوم أن الذاتيات ضرورية الثبوت للذات ، وبعد انتهاء الأمر إلى الذاتي ينقطع السؤال بِلمَ ، فلا يقال : «ان الكافر لم اختار الكفر ، ولم اختار العاصي المعصية» وكذا الإطاعة والإيمان ، فان كل ذلك لما كان منتهياً إلى الخصوصية الذاتيّة ، فلا مجال للسؤال عنه ، لأنه مساوق للسؤال عن «أن الإنسان لم صار ناطقاً والحمار لم صار ناهقاً» فكما لا مجال لمثل هذا السؤال ، فكذا لا مجال للسؤال عن اختيار الكفر والإيمان والإطاعة والعصيان.
(١) هذا تقريب الجواب ، وقد عرفت توضيحه.
(٢) الباء للسببية ، يعني : أن سبب بعد العبد عن سيده هو تجريه على سيده.
(٣) أي : كما كان حُسن العقوبة من تبعة بعده عن سيده بسبب العصيان.
(٤) يعني : فكما أن التجري يوجب البعد عن السيد ، فكذلك لا غرو في أن يكون التجري موجباً لحسن المؤاخذة ، هذا.
فالمتحصل من مجموع ما أفاده المصنف في المتن وحاشيته عليه هو دفع الإشكال بوجهين :
أحدهما : الحل ، ببيان : أن العقوبة والمثوبة من لوازم سوء السريرة وحسنها الراجعين إلى نقصان الذات وكمالها اللذين هما من الذاتيات التي لا تفارق الذوات ، وليسا بالجعل ، لعدم جعل تأليفي بين الشيء وذاتياته ، كما تقدم في أول مباحث القطع ، فليس العقاب على ارتكاب المعاصي للتشفي المستحيل في