عدم العلم ، مع أن دعوى أنها (١) بمعنى السفاهة وفعل ما لا ينبغي صدوره من [عن] العاقل غير بعيدة (*).
______________________________________________________
لغة كالجهل ، إذ يكون عدم العلم مشتركاً بين خبر العادل والفاسق. لكن لا يبعد دعوى أن الجهالة حقيقة عرفاً في السفاهة ، ومن المعلوم تقدم المعنى العرفي على اللغوي عند الدوران بينهما ، فإذا كان الجهل بمعنى السفاهة التي هي عبارة عن فعل ما لا ينبغي صدوره من العاقل ، فيختص التعليل حينئذ بخبر الفاسق ، لأنه الّذي يكون الاعتماد عليه بدون تبين سفهياً ، لاحتمال تعمده الكذب ، وبهذا الاحتمال يوجب العقل التبين في خبره.
وهذا بخلاف نبأ العادل ، فان الاعتماد عليه لا يكون سفهياً ولو فرض مخالفة خبره للواقع ، لعدم احتمال تعمده للكذب ، بل نعلم بعدم تعمده له ، فالركون إليه بلا تبين لا يكون سفهياً ، وهذا الجواب قد تعرض له شيخنا الأعظم (قده) بقوله : «ثم ان المحكي عن بعض منع دلالة التعليل على عدم جواز الإقدام على ما هو مخالف للواقع بأن المراد بالجهالة السفاهة وفعل ما لا يجوز فعله لا مقابل العلم ... إلخ» فراجع.
(١) أي : أن الجهالة بمعنى السفاهة ، و «غير بعيدة» خبر «دعوى».
__________________
(*) إذ من المعلوم كون العمل بخبر الفاسق مع العلم بفسقه سفهياً ، ولا يرد عليه ما ذكره الشيخ بعد عبارته المتقدمة بقوله : «وفيه مضافاً إلى كونه خلاف ظاهر لفظ الجهالة أن الإقدام على مقتضى قول الوليد لم يكن سفاهة قطعاً ، إذ العاقل بل جماعة من العقلاء لا يقدمون على الأمور من دون وثوق بخبر المخبر بها ، فالآية تدل على المنع عن العمل بغير العلم .. إلخ» وذلك لأنهم لم يعلموا فسق الوليد ، فنبههم الله تعالى على فسقه حتى يلتفتوا إلى أن إقدامهم يكون من السفاهة. هذا كله على تقدير تسليم إقدامهم كما ورد من غير طرقنا ، وإلا فالإقدام