الملازمة ، هذا (١) فيما انكشف الحال. وأما فيما اشتبه (٢) فلا يبعد أن يقال بالاعتبار ، فان (٣) عمدة أدلة حجية الاخبار هو بناء العقلاء ، وهم كما يعملون بخبر الثقة إذا علم أنه عن حس يعملون به فيما يحتمل كونه عن حدس ، حيث انه (٤) ليس بناؤهم ـ إذا أخبروا بشيء ـ على التوقف والتفتيش عن أنه (٥) عن حدس أو حس ، بل العمل على طبقه
______________________________________________________
(١) أي : ما ذكرناه من أحكام الأقسام الثلاثة المتقدمة للإجماع المنقول.
(٢) أي : وأما إذا اشتبه أن نقل المسبب عن حس أو حدس ولم يحرز كون نقل الإجماع بالنسبة إلى المسبب حسياً أو حدسياً ، فلا يبعد القول باعتباره ، لأن بناء العقلاء قد استقر على العمل بالخبر المشكوك كونه عن حس ، كاستقراره على العمل بالخبر المعلوم كونه عن حس ، ولذا لو اعتذر شخص عن عدم العمل بالخبر باحتمال كونه عن حدس لم يقبل ذلك منه ، وليس إلّا لأجل بنائهم على العمل بالمشكوك كونه عن حس كبنائهم على العمل بالمعلوم كونه عن حس.
ومن هنا يظهر : أن مستند حجية الخبر ان كان هو الآيات والروايات وادعي انصرافهما إلى خصوص الخبر الحسي لم يقدح ذلك في الاعتماد على بناء العقلاء المقتضي لإلحاق المشكوك كونه عن حس بالمعلوم كذلك ، لوضوح أن الآيات والروايات لا تتكفل حكم الشك ، بخلاف بناء العقلاء ، فانه يتكفل ذلك ، فلا تنافي بين عدم دلالتهما الا على اعتبار الخبر الحسي ، وبين بناء العقلاء على إلحاق المشكوك بالمعلوم ، هذا.
(٣) تعليل لقوله : «فلا يبعد» وقد عرفت توضيحه.
(٤) الضمير للشأن ، وضمائر «أنه ، به ، كونه» راجعة إلى الخبر.
(٥) أي : أن الاخبار عن ذلك الشيء عن حدس أو حس ... إلخ.