به (١) نفسه ، ويخلص مع ربه أنسه (٢) ، ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، قال الله تبارك وتعالى : «فذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين» وليكون (٣) حجة على من ساءت سريرته وخبثت طينته ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة كيلا يكون للناس على الله حجة ، بل كان له حجة بالغة.
______________________________________________________
ثانيتهما : إتمام الحجة على من ساءت سريرته وخبثت طينته لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ، بل كان له الحجة البالغة (*).
(١) هذا الضمير وضمير «به» المتقدم راجعان إلى بعث الرسل وإنزال الكتب.
(٢) هذا الضمير وضمائر «طينته ، نفسه ، سريرته» راجعة إلى «من» الموصول المراد به القاطع وهو العبد.
(٣) معطوف على قوله : «لينتفع به» وهذا إشارة إلى الفائدة الثانية المتقدمة
__________________
(*) لا يخفى أن الفائدة الثانية لا تترتب على بعث الرسل ، إذ المفروض كون الشقاوة ذاتية ، والذاتيات ضرورية الثبوت للذات ، فيمتنع زوال الخبث الذاتي بإرسال الرسل ، فتنحصر فائدة البعث في انتفاع المؤمن وتلغو بالنسبة إلى الكافر والعاصي ، وهذا مما لا يمكن التفوه به فضلا عن الاعتقاد به ، للمفاسد الكثيرة المترتبة على ذلك عصمنا الله تعالى عن الزلات.
إلّا أن يقال : ان المراد بالذاتي هو المقتضي لا العلة التامة ، ومن المعلوم إناطة ترتب الأثر على المقتضي بعدم المانع ، ومع القدرة على إيجاد المانع ينتفع الكافر والفاسق أيضا ببعث الرسل فلا تلزم لغوية الفائدة الثانية هذا.
لكنك خبير بأن تنظير المقام بناطقية الإنسان وناهقية الحمار يأبى عن إرادة المقتضي من الذاتي ، فتدبر.