فلم يقبل ذلك ابن سعد ، ومضى إلى نسخة عراقية صعدت مع أبي علي بن أريس من العراق فوجد القول ما قاله أبو العلاء.
وسافر أبو العلاء إلى بغداد في سنة تسع وتسعين للاستكثار من العلم فأخذ بها عن أبي الحسن علي بن عيسى الربعي وأبي أحمد عبد السلام بن الحسين البصري المعروف بالواجكا وأبي علي عبد الكريم بن الحسن بن حكيم السكري النحوي اللغوي.
وذكر أبو البركات علي بن أحمد بن محمد بن أبي سعيد الأنباري (١) في طبقات الأدباء له قال : وذكر أنه يعني أبا العلاء لما قدم بغداد دخل على علي بن عيسى الربعي ليقرأ عليه شيئا من النحو فقال له الربعي : ليصعد الإصطبل ، فخرج من عنده مغضبا فلم يعد إليه (٢).
وأخبرنا أبو الحسن أحمد بن علي عن محمد بن مؤيد المعري قال : أخبرني جدي أبو المفضال أحمد بن حواري قال : ورحل يعني أبا العلاء إلى بغداد سنة ثمان وتسعين ودخلها سنة تسع وتسعين ، وأقام بها سنة وسبعة أشهر. وبلغني أنه إنما دخل إلى بغداد لتعرض عليه الكتب التي في خزائن بغداد لما وصف له من كثرتها ، ولم تكن رحلته لطلب دنيا. وقد ذكر في بعض كلامه وسنورده بتمامه :
«وأحلف ما سافرت أستكثر من النشب ولا أتكثر بلقاء الرجال ، ولكن آثرت الإقامة بدار العلم فشاهدت أنفس ما كان لم يسعف الزمن بإقامتي فيه».
وأخذ الحديث عن أبيه أبي محمد المذكور ، وجده سليمان بن محمد ، وأخيه أبي المجد محمد بن عبد الله بن سليمان ، وجدته أم سلمة بنت الحسن بن إسحاق بن بلبل ، وأبي زكريا يحيى بن مسعر بن محمد بن يحيى بن الفرج ، وأبي الفتح محمد بن الحسن بن روح المعريين ، وأبي الفرج عبد الصمد بن أحمد بن عبد الرحمن الضرير الحمصي ، وأبي بكر محمد ابن عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الرحمن الرحبي ، وأبي عبد الله محمد بن يوسف بن كراكير الدقي ، والقاضي أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي قاضي معرة النعمان.
__________________
(١) في الطبعة المصرية : أبو البركات عبد الرحمن بن محمد بن [عبيد الله بن] أبي سعيد الأنباري ، وأشارت الطبعة إلى أن هذا هو الصواب.
(٢) قال ياقوت بعد ذلك. والإصطبل في لغة أهل الشام الأعمى ، ولعلها معربة.