ابن عبد الرحمن بن المهاجر بن خالد بن الوليد المخزومي الخالدي الحلبي الملقب شرف المعالي عدة الدين المعروف بابن القيسراني. (قال ابن خلكان : هكذا أملى عليّ نسبه بعض حفدته) ، الشاعر المشهور ، وكان من الشعراء المجيدين والأدباء المتفننين ، قرأ الأدب على توفيق بن محمد وأبي عبد الله بن الخياط الشاعر ، وكان فاضلا في الأدب وعلم الهيئة ، سمع بحلب من الخطيب أبي طاهر وهاشم بن أحمد الحلبي وغيره ، وسمع منه الحافظان أبو القاسم بن عساكر وأبو سعيد سفيان بن السمعاني وذكراه في كتابيهما ، وكذلك أبو المعالي الحظيري وذكره في كتاب الملح أيضا. وكان هو وابن منير (المذكور قبله) شاعري الشام في ذلك العصر ، وجرت بينهما وقائع وماجريات وملح ونوادر ، وكان ابن منير ينسب إلى التحامل على الصحابة رضياللهعنهم ويميل للتشيع ، فكتب إليه القيسراني المذكور وقد بلغه أنه هجاه قوله :
ابن منير هجوت مني |
|
خيرا أفاد الورى صوابه |
ولم تضيّق بذاك صدري |
|
فإن لي أسوة الصحابه |
ومن محاسن شعره قوله :
كم ليلة بت من كاسي وريقته |
|
نشوان أمزج سلسالا بسلسال |
وبات لا تحتمي عني مراشفه |
|
كأنما ثغره ثغر بلا وال |
وظفرت بديوانه وجميعه بخطه وأنا يومئذ بحلب ، ونقلت منه أشياء حسنة رائقة ، فمن ذلك قوله في مدح خطيب :
شرح المنبر صدرا |
|
لتلقّيك رحيبا |
أترى ضمّ خطيبا |
|
منك أم ضمّخ طيبا |
وهذا الجناس في غاية الحسن. ثم وجدت هذين البيتين لأبي القاسم بن زيد بن أبي الفتح أحمد بن عبيد بن فضل الموازيني الحلبي المعروف أبوه بالماهر وأن ابن القيسراني المذكور أنشدهما للخطيب ابن هاشم لما تولى خطابة حلب فنسبا إليه.
ورأيت الأول على هذه الصورة ، وهو :
قد زها المنبر عجبا |
|
إذ ترقّيت خطيبا |