طيف سرى موهنا والليل ما انقضبا |
|
إليّ سرا ونجم الغرب ما غربا |
فلى الفلا وجلا جنح الدجى وخلا |
|
من الرقيب وولّى ممعنا هربا |
ظن الدجنّة تخفيه وكيف وقد |
|
وشى بمسراه نور مزّق الحجبا |
كأنه بدر تمّ لاح في غسق |
|
وهنا فلما رأته الأعين احتجبا |
أفديه من زائر زور زيارته |
|
يبدو لعيني وتخفي جفنه الرقبا |
أودى بصبري وأشجاني وأرقني |
|
لما به وأراق الدمع فانسكبا |
وأودع الروع أحشائي وأذهب ما |
|
أبقى الفراق وما رد الذي ذهبا |
وكنت أحسبه وافي يبشرني |
|
بلمّ شمل شتيت طالما انشعبا |
وأن قد قرب الترحال عن حلب |
|
والدار عما قليل تجمع الغربا |
فكان لمح سراب لاح بارقه |
|
فاشتد إذ بصر الظامي به طلبا |
حتى إذا جاءه لم يلق موضعه |
|
فما يسكّن من أحشائه لهبا |
فعاد باليأس والنفس النفيسة قد |
|
طارت شعاعا وأنضى جسمه تعبا |
كذاك حظي من الأحباب إن وصلوا |
|
صدوا وإن سئلوا أضنوا بما طلبا |
يجزون بالعرف نكرا من أحبهم |
|
وبالقطيعة لا بالقرب من قربا |
وإن هم مرة سرّوا بوصلهم |
|
ضرّوا بهجرهم أضعافه حقبا |
كالدهر يرضي بما يولي وشيمته |
|
أن يسترد الذي أعطى كما وهبا |
وعاذل عادل عن مذهبي سفها |
|
يروم بالعذل تسهيل الذي صعبا |
يقول لي (١) وهو فيما قال متهم |
|
عندي ولو كان صدقا خلته كذبا |
إلى م تشتاق دارا بان ساكنها |
|
عنها وتندب ربعا دارسا خربا |
إذا رآه الخليّ البال مرّ به |
|
بكى له رحمة بالدمع فانتحبا |
مستبدلا من ظباء الأنس وحشته |
|
فلا وكم أوانس انسانا بها عذبا (٢) |
عينا تصيد أسود الغيد أعينها |
|
تلك الظباء اللواتي لحظهن ظبا |
فقلت والشوق يطويني وينشرني |
|
طيّ السجل إذا ما فض أو كتبا |
أصخ بسمعك نحوي واجتنب نفسي |
|
تسمع حديثا له في الخافقين نبا |
__________________
(١) في الأصل : لهم.
(٢) هكذا في الأصل.