أبي بكر الهروي. وأعلم أن الشيخ عليا المذكور مدفون في قبة جانب هذه المدرسة ، وبناء القبة قيل هو كهيئة الكعبة ، فلذلك كانت خاملة في الزايات (١) ، ومكتوب عليها حكم ومواعظ ، وبها بئر من خارجها تنسب إلى سيدنا الخليل عليهالسلام ، وقد قال الهروي المذكور : إن هذه البئر ظهرت بهذه التربة. ومن المواعظ التي على تربته من كلامه :
قل لمن يغترّ بالدنيا وقد طال عناه |
|
هذه تربة من شيد هذا وبناه |
طال ما أتعبه الحرص وقد هدّ قواه |
|
طلب الراحة في الدنيا فما نال مناه |
سلكت القفار وطفت الديار وركبت البحار ، ورأيت الآثار وسافرت البلاد وعاشرت العباد ، فلم أجد صديقا صادقا ، ولا رفيقا موافقا ، فمن قرأ هذا الخط فلا يغتر بأحد قط. ابن آدم دع الاحتيال فما يدوم حال ، ولا تغالب التقدير فلن يفيد التدبير ، ولا تحرص على جمع مال ينتقل إلى من لا ينفعك شكره ويبقى عليك وزره. سبحان مشتت العباد في البلاد ، وقاسم الأرزاق في الآفاق ، هذه تربة الغريب الوحيد علي بن أبي بكر الهروي ، عاش غريبا ومات وحيدا ، لا صديق يدنيه ولا خليل ينعيه ، ولا أهل يرونه ولا إخوان يقصدونه ، ولا ولد يطلبه ولا زوجة تنادمه. آنس الله وحدته ورحم غربته. وهو القائل :
طفت البلاد مشارقا ومغاربا |
|
ولكم صحبت لسائح وحبيس |
ورأيت كلّ غريبة وعجيبة |
|
ورأيت هولا في رخا وبؤوسي |
أصبحت من تحت الثرى في وحدة |
|
أرجو إلهي أن يكون أنيسي |
الطمع يذل الأنفس العزيزة ويستخدم العقول الشريفة.
(وعلى قبره) : يا عزيز أرحم الذليل ، يا قادر ارحم العاجز. يا باقي ارحم الفاني ، يا حي ارحم الميت. اللهم إني ضيفك ونزيلك وفي جوارك وفي حرمك. وأنت أول من أكرم ضيفه ورحم جاره وأعان نزيله ، يا رب يا مغيث.
__________________
(١) لعل الصواب : حافلة في الزيارات.