صاحب «تاريخ بغداد» قال : أنشدني ياقوت المذكور لنفسه في غلام تركي وقد رمدت عينه وعليها رفائد سوداء :
ومولّد للترك تحسب وجهه |
|
بدرا يضيء سناه بالإشراق |
أرخى على عينيه فضل وقاية |
|
ليرد فتنتها عن العشاق |
تالله لو أن السوابق دونها |
|
نفذت فهل لوقاية من واق |
وكانت ولادة ياقوت المذكور في سنة أربع أو خمس وسبعين وخمسمائة ببلاد الروم ، وتوفي يوم الأحد العشرين من شهر رمضان سنة ست وعشرين وستماية في الخان بظاهر مدينة حلب حسبما قدمنا ذكره في أول الترجمة رحمهالله تعالى.
وكان قد وقف كتبه على مسجد الزيدي الذي بدرب دينار ببغداد وسلمها إلى الشيخ عز الدين أبي الحسن علي بن الأثير صاحب التاريخ الكبير ، فحملها إلى هناك. ولما تميز ياقوت المذكور واشتهر سمى نفسه يعقوب ، وقدمت حلب للاشتغال بها في مستهل ذي القعدة سنة وفاته ، وذلك عقيب موته والناس يثنون عليه ويذكرون فضله وأدبه ولم يقدر لي الاجتماع به ا ه (ابن خلكان).
أقول : إن المترجم كان كثير التردد إلى حلب والمقام بها ، فقد وجد فيها سنة ٦١٣ كما تقدم في أول الترجمة ، ووجد فيها سنة ٦١٩ كما ذكره هو في ترجمة الكمال بن العديم المتوفى سنة ٦٦٠ ، ووجد فيها سنة ٦٢٠ كما ذكر ذلك عن نفسه في ترجمة القاسم بن القاسم المتقدمة قبل هذه. ويغلب على الظن أنه في هذه السنة ألقى عصا التسيار في حلب وعول على البقاء فيها ، وحط رحاله في ساحة القاضي الأكرم ، وأهداه كتابه الموسوم بمعجم البلدان ، وناله من إحسانه ووافر بره كما يستفاد من آخر خطبه كتابه المذكور. ويظهر أنه بعد بقائه عدة سنوات سافر من حلب وعاد إليها في مستهل ذي القعدة سنة ست وعشرين وستماية.
وقد تكلمنا في المقدمة على كتابيه «معجم البلدان» و «معجم الأدباء» وأنهما قد طبعا. وقد طبع أيضا من مؤلفاته «المشترك وضعا والمفترق صقعا». قال جرجي زيدان في تاريخ آداب اللغة العربية (صحيفة ٨٨ جلد ٣) طبعه دوستنفليد في غوتنجن سنة ١٨٤٦ مع الفهارس في نيف وخمسمائة صحيفة.