ليوم السباق ، والسهام تكن في كنائنها لإصابة الأحداق ، والسيوف لا تنتضى من الأغماد إلا ساعة الجلاد ، واللآلىء لا تظهر من الأسفاط إلا للتعليق على الأجياد. وبينما أنا كالنهار الماتع طاب أبرداه ، إذ تراني كالسيف القاطع خشن حداه ، ولكل أقوام أقوال ، ولكل مجال أبطال نزال ، وسيكون نظري بمشيئة الله الدائم ونظرهم لمحة ، وريحي في هذه الدولة المنصورة عادية وريحهم فيها نفحة ، وها أنا مقيم تحت كنف إنعامها ، راج وابل إكرامها من هاطل غمامها ، منتظر لعدوي وعدوها أنكأ سهامها من وبيل انتقامها.
وأملى عليّ قال :
كتبت إلى أبي القاسم بن أبي الحسن شيث ، وكان قد انصرف عن الملك الظاهر ثم رجع إليه بأمر من الملك الظاهر : مقدم سعد مؤذن بسمو ومجد للمجلس الجمالي لا زال غاديا في السعادة ورائحا ، ممنوحا من الله بالنعم مانحا ، ميسرا له أرجح الأعمال كما لم يزل على الأماثل راجحا ، موضحا له قصد السبيل كوجهه الذي ما برخ مسفرا واضحا ، وقد رد الله بأوبته ما نزح من السرور ، وأعاد بعودته الجبر إلى القلب المكسور ، ولأم بإلمامه صدوعا في الصدور ، والواجب التفاؤل بالعود إذ العود أحمد ، وألا يخطر الطيرة ببال إذ نهى عن التطير أحمد ، بل يقال انقلب إلى أهله مسرورا ، وتوطن من النعمة الظاهرية جنة وحريرا ، ودعا عدوه لعوده ثبورا ، وصلي من نار حسده سعيرا ، أسعد الله مصادره وموارده ، ووفر مكارمه ومحامده ، وأيد ساعده ومساعده.
وأنشدني لنفسه أدام الله علّوه من قصيدة قالها في الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب صاحب حلب ، مطلعها :
لا مدح إلا لمليك الزمان |
|
من المنى في بابه والأمان |
غياث دين الله في أرضه |
|
إن أخلف البرق وضن العنان |
في كفّه ملحمة للندى |
|
مثل التي تعهد يوم الطعان |
فالعسر مصروع بساحاته |
|
واليسر سام في ظهور الرعان |
وراحتاه راحة للورى |
|
على كريم الخلق مخلوقتان |
فكفّه اليمني لبسط الغنى |
|
وكفّه اليسر لقبض العنان |