إن رمت أمرا خانني ذو الحيا |
|
ومقولي يطمعني في النجاح |
فأنثني في حيرة منهما |
|
لي مخلب ماض وما من جناح |
شبه جبان فر من معرك |
|
خوفا وفي يمناه عضب الكفاح |
وأنشدني أدام الله علوه في أعور لنفسه :
شيخ لنا يعزى إلى منذر |
|
مستقبح الأخلاق والعين |
من عجب الدهر فحدث به |
|
بفرد عين ولسانين |
ومما أملاه عليّ أدام الله علوه من فضل :
وأما سؤاله عن سبب التأخر والتجمع والتوقف عن التطاول في طلب الرياسة والتوسع ، والتعجب من التزامي قعر البيت ، وارتضائي بعد السابق (١) بأن أكون السكّيت ، فلا تنسبني في ذلك إلى تقصير ، وكيف ولساني في اللسن غير ألكن ، وبناني في البيان غير قصير. ولقد أعددت للرياسة أسبابها ، ولبست لكفاح أهلها جلبابها ، وملكت من موادها نصابها ، وتسلمت لأحلاسها وضاربت أضرابها ، وباريتهم في ميدان الفضائل ، فكنت السابق وكانوا الفساكل (١). وظننت أني قد حللت من الدولة أمكن مكانها ، وأصبحت إنسان عينها وعين إنسانها ، فإذا الظنون مخلفة ، وشفار عيون الأعداء مرهفة ، والفرقة المظنونة بالإنصاف غير منصفة. وصار ما اعتمدته من أسباب التقريب مبعدا ، ومن اعتقدته لي مساعدا غدا عليّ مسعدا ، وأصبح لمثالبي موردا من أعددته لمرادي موردا ، وجسست مقاصد المراشد فوجدتها بهم مقفلة ، ومتى أظهرت فضيلة اعتمدوا فيها تعطيل المشبهة وشبه المعطلة ، وإذا ركبت أشهب النهار لنيل مرام ، ركبوا أدهم الليل لنقض ذلك الإبرام ، وإن سمعوا مني قولا أذاعوا ، وإن لم يسمعوا اختلقوا من الكذب ما استطاعوا. وقد صرت كالمقيم وسط أفاع لا يأمن لسعها ، وكالمجاور لنار يتقي شررها ويستكفي لذعها ، والله المسؤول توسيع الأمور إذا ضاقت مسالكها ، وهو المرجو لإصلاح قلوب الملوك على مماليكهم إذا هو ربّ المملكة ومالكها.
وها أنا جاثم جثوم الليث في عرينه ، وكامن كمون الكميّ في كمينه ، وأعظم ما كانت النار لهبا إذا قل دخانها ، وأشد ما كانت السفن جريا إذا سكن سكانها ، والجياد تراض
__________________
(١) في الأصل وفي معجم الأدباء : السبق ... الفسكل.