نزيل حلب. ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة بدمشق ، وكان مشتغلا بصنعته إلى أن صار ابن نيف وثلاثين سنة ، فأخذ يسمع الحديث ، فسمع من يحيى الثقفي وأحمد بن حمزة بن الموازيني وابن صدقة الحراني. ثم طلب الحديث وكتب الطباق ونسخ أجزاء ، وتخرج عند الحافظ عبد الغني وسمع منه الكثير. وكان شابا فطنا مليح الخط فحسن له الحافظ الرحلة وإدراك الأسانيد العراقية ، فرحل إلى بغداد سنة ثمان وثمانين وسمع بها الكثير من ذاكر بن كامل ويحيى بن بوش وابن كليب ورجب بن مذكور وأبي منصور وعبد الله بن المبارك الأزجي وخلق من أصحاب ابن الحصين وغيره ، ورجع إلى بلده بحديث كثير وقد فهم وحفظ وصار من خيار الطلبة ، فبقي متطلعا إلى ما بأصبهان من العوالي في هذا الوقت ، فرحل إليها في سنة إحدى وتسعين وأدرك بها أسنادا في غاية العلو. أكثر عن أصحاب أبي علي الحداد وسمع الكثير من مسعود الحمال وخليل بن بدر الداراني وأبي الفضائل عبد الرحيم الكاغدي وأبي جعفر محمد بن إسماعيل الطرسوسي وأبي طاهر بن فارشاه وأبي المكارم اللبان والكراني وناصر الويدح ومحمد بن أحمد المعاد ومحمد بن الحسن الأصفهيد وخلق. وكتب الكتب الكبار والأجزاء ، وحسن خطه واتسع حفظه وجلب إلى الشام خيرا كثيرا. ثم رحل إلى مصر وسمع من البوصيري وإسمعيل بن ياسين وأبي الجود المقري وفاطمة بنت سعد الخير وجماعة.
قال عمر بن الحاجب : سألت أبا إسحق الصريفيني عنه فقال : حافظ ثقة عالم بما يقرأ عليه ، لا يكاد يفوته اسم رجل.
وقال ابن الحاجب : وسألت الضياء عنه فقال : حافظ سمع وحصل الكثير ، وهو صاحب رحلة وتطواف. قال ابن الحاجب : هو أحد الرحالين بلد أحدهم فضلا (هكذا) وأوسعهم رحلة ، نقل بخطه المليح ما لا يدخل تحت الحصر. وهو طيب الأخلاق مرضي الطريقة متقن حافظ ثقة. قلت : روى عنه جماعة من كبار الحفاظ ، وأنبأ عنه الحافظ الدمياطي وابن الظاهري ومحمد بن سليمان المغربي ومحمد بن جوهر المقري وعلي بن أحمد الهاشمي والبها أيوب بن النحاس وأخوه إسحق وعز الدين عبد العزيز بن العديم الحاكم وأخوه عبد المحسن وطاهر بن عبد الله بن العجمي وعبد الملك بن عنيفة وسنقر الزيني وعبد الله ابن محمد المخزومي وأبو حامد المؤذن وتاج الدين صالح الفرضي وأبو بكر الدشتي وآخرون. وممن يروي عنه في هذا الوقت وهو سنة أربع عشرة ابن ساعد بمصر ونخوة بنت النصيبي