جرى حبها مجرى حياتي فخالطت |
|
محبتها روحي ولحمي والدما |
تقول إلى كم ترتضي العيش أنكدا |
|
وتقنع أن تضحي صحيحا مسلّما |
فسر في بلاد الله واطّلب الغنى |
|
تفز منجدا إن شئت أو شئت متهما |
فقلت لها إن الذي خلق الورى |
|
تكفل لي بالرزق منّا وأنعما |
وما ضرني أن كنت رب فضائل |
|
وعلم عزيز النفس حرا معظّما |
إذا عدمت كفاي مالا وثروة |
|
فقد صنت نفسي أن أذل وأحرما |
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي |
|
لأخدم من لاقيت لكن لأخدما |
لا يظنن الناظر في هذه الأبيات أن قائلها فقير وقير ، فإن الأمر بعكس ذلك لأنه رب ضياع واسعة وأملاك جمة ونعمة كثيرة وعبيد كثيرة وإماء وخيل ودواب وملابس فاخرة وثياب ، ومن ذلك أنه بعد موت أبيه اشترى دارا كانت لأجداده قديما بثلاثين ألف درهم ، ولكن نفسه واسعة وهمته عالية والرغبات في الدنيا بالنسبة إلى الراغبين ، والشهوة لها على قدر الطالبين.
وأنشدني لنفسه بمنزله في التاريخ :
احذر من ابن العم فهو مصحّف (١) |
|
ومن القريب فإنما هو أحرف |
القاف من قبر غدا لك حافرا |
|
والراء منه ردى لنفسك يخطف |
والياء يأس دائم من خيره |
|
والباء بغض منه لا يتكيّف |
فاقبل نصيحتي التي أهديتها |
|
إني بأبناء العمومة أعرف |
وأنشدني أيضا لنفسه بمنزله سالكا طريق أهله في الافتخار :
سألزم نفسي الصفح عن كل من جنى |
|
عليّ وأعفو حسبة وتكرما |
وأجعل مالي دون عرضي وقاية |
|
ولو لم يغادر ذاك عندي درهما |
وأسلك آثار الألى اكتسبوا العلا |
|
وحازوا خلال الخير ممن تقدما |
أولئك قومي المنعمون ذوو النهى |
|
بنو عامر فاسأل بهم كي تعلّما |
إذا ما دعوا عند النوائب إن دجت |
|
أناروا بكشف الخطب ما كان أظلما |
__________________
(١) أي ابن الغم.