وإن جلسوا في مجلس الحكم خلتهم |
|
بدور ظلام والخلائق أنجما |
وإن هم ترقوا منبرا لخطابة |
|
فأفصح من يوما بوعظ تكلّما |
وإن أخذوا أقلامهم لكتابة |
|
فأحسن من وشّى الطروس ونمنما |
بأقوالهم قد أوضح الدرّ واغتدى |
|
بأحكامهم علم الشريعة محكما |
دعاؤهم يجلو الشدائد إن عرت |
|
وينزل قطر الماء من أفق السما |
وقائلة يا بن العديم إلى متى |
|
تجود بما تحوي ستصبح معدما |
فقلت لها عني إليك فإنني |
|
رأيت خيار الناس من كان منعما |
أبى اللؤم لي أصل كريم وأسرة |
|
عقيلية سنّوا الندى والتكرما |
وأنشدني لنفسه وقد رأى في عارضه شعرة بيضاء وعمره ٣١ سنة :
أليس بياض الأفق بالليل مؤذنا |
|
بآخر عمر الليل إذ هو أسفرا |
كذاك سواد النبت يقرب يبسه |
|
إذا ما بدا وسط الرياض منوّرا |
ودخلت إلى كمال الدين المذكور يوما فقال لي : ألا ترى أنا في السنة الحادية والثلاثين من عمري وقد وجدت في لحيتي شعرات بيضا؟ فقلت أنا فيه :
هنيئا كمال الدين فضلا حبيته |
|
ونعماء لم يخصص بها أحد قبل |
لداتك في شغل بداعية الصبا |
|
وأنت بتحصيل المعالي لك الشغل |
بلغت لعشر من سنّينك رتبة |
|
من المجد لا يسطيعها الكامل الكهل |
ولما أتاك الحكم والفهم ناشئا |
|
أشابك طفلا كي يتم لك الفضل |
انتهى ما قاله ياقوت في معجم الأدباء في ترجمة الكمال المذكور وتراجم آبائه وأجداده وأعمامه ، وقد وجدنا من المناسب نقل جميع ما ذكره ياقوت في تراجم بني العديم وإن كان بعضها قد تقدم لتتصل سلسلة الكلام على هذا البيت الكبير ، على أنها لا تخلو من فوائد زائدة على ما ذكرناه فيما تقدم من تلك التراجم. وقد ترجمه ياقوت بما ترجمه به سنة ٦١٩ وهو في الحادية والثلاثين من عمره كما علمت ، وقد كانت وفاة ياقوت سنة ٦٢٦ ووفاة المترجم سنة ٦٦٠ كما سيأتي ، فتأخرت وفاته عن وفاة مترجمه أربعة وثلاثين سنة ، ولا ريب أن تلك المدة الطويلة زادته علما وفضلا وجاها وقدرا. وجلالة فضل هذا الرجل وماله على الشهباء من الأيادي البيضاء بذلك التاريخ العظيم المسمى ب «بغية الطلب في تاريخ