بالفقراء والصالحين كثير الإحسان إليهم ، وقد أقام بدمشق في الدولة الناصرية المتأخرة ، وكانت وفاته بمصر ، ودفن بسفح المقطم بعد الشيخ عز الدين بعشرة أيام. وقد أورد له الشيخ قطب الدين (أي اليونيني) في الذيل أشعارا حسنة ا ه.
وقال أبو الفدا في حوادث سنة ٦٦٠ : وفيها في ذي الحجة توفي الصاحب كمال الدين عمر ابن عبد العزيز (صوابه بن أحمد كما تقدم غير مرة ، ويظهر أن الخطأ من النساخ) المعروف بابن العديم ، انتهت إليه رياسة أصحاب أبي حنيفة. وكان فاضلا كبير القدر ، ألف تاريخ حلب وغيره من المصنفات (١). وكان قدم إلى مصر لما جفل الناس من التتر ، ثم عاد بعد خراب حلب إليها ، فلما نظر ما فعله التتر من خراب حلب وقتل أهلها بعد تلك العمارة قال في ذلك قصيدة طويلة منها :
هو الدهر ما تبنيه كفاك يهدم |
|
وإن رمت إنصافا لديه فتظلم |
أباد ملوك الفرس جمعا وقيصرا |
|
وأصمت لذي فرسانها منه أسهم |
وأفنى بني أيوب مع كثر جمعهم |
|
وما منهم إلا مليك معظّم |
وملك بني العباس زال ولم يدع |
|
لهم أثرا من بعدهم وهم هم |
وأعتابهم أضحت تداس وعهدها |
|
تباس بأفواه الملوك وتلثم |
وعن حلب ما شئت قل من عجائب |
|
أحل بها يا صاح إن كنت تعلم |
ومنها :
فيالك من يوم شديد لغامه |
|
وقد أصبحت فيه المساجد تهدم |
وقد درست تلك المدارس وارتمت |
|
مصاحفها فوق الثرى وهي ضخّم |
__________________
(١) أقول : ومن مصنفاته (التذكرة) قال في مجلة المقتبس في الجلد السابع سنة ١٣٣٠ في صحيفة ٨١١ بعد ترجمة ابن العديم : ولابن العديم شعر مستملح ونثر عذب ، ومن كتبه التي أبقتها الأيام كتاب التذكرة دخل دار الكتب السلطانية بالقاهرة مجلد منه في بضعة أجزاء أولها الجزء الخامس وآخرها الجزء الحادي عشر ، وهي ٢٥٠ ورقات صغرى أولها لعلي بن إبراهيم بن عبد المحسن بن قرناص الخزاعي الحموي :
جفني بجفنك قد جفاه هجوعه |
|
والقلب واصله عليك ولوعه |
وسقام جسمي فيك عز ذهابه |
|
والنوم عز على الجفون رجوعه |
إلى أن قال بعد نقل نموذجات من شعر شعراء عصره : هذه نموذجات من هذه التذكرة الممتع النافع ، ويا حبذا لو صحت عزيمة أحد علماء مصر بنشر الموجود منها لأنها أثر نفيس خصوصا وهي مكتوبة بخط صاحبها وفيها من الأشعار والأخبار ما يلذ ويفيد ا ه.