وترجمه المقريزي في تاريخه «السلوك إلى معرفة الملوك» بنحو ما تقدم ، ومما قاله أنه حج ماشيا وجاور بمكة مرارا ، وقدم مصر سنة اثنتين وثلاثين وأقام بها حتى مات. وكان لا يقبل لأحد شيئا ويقيم حاله من وقف أبيه بحلب ويتزيا بزي الصوفية ، وكانت فيه مروءة وله مكارم وصدقات وله شعر جيد.
٣٣٣ ـ ألطنبغا باني الجامع في محلة ساحة الملح المتوفى سنة ٧٤٢
قال في المنهل الصافي : ألطنبغا بن عبد الله الصالحي العلائي الأمير علاء الدين نائب حلب ثم نائب دمشق. هو ممن أنشأه الملك الناصر محمد بن قلاوون حتى صار من جملة أمراء الألوف بديار مصر ، ثم ولاه نيابة حلب عوضا عن الأمير سودي في سنة سبع أربع عشرة وسبعماية ، فباشرها ثلاث عشرة سنة إلى أن نقل منها إلى نيابة دمشق في سنة سبع وعشرين وسبعماية ، ثم أعيد إلى حلب ثانيا في سنة إحدى وثلاثين ، واستمر في هذه النيابة الثانية ثمانية أعوام وعزل في سنة تسع وثلاثين ، وولي نيابة دمشق أيضا ، كل ذلك من قبل الملك الناصر محمد بن قلاوون. وفي نيابته الأولى بحلب دخل إلى بلاد سيس وحاصر حصونها وفتح قلاعها ، ثم غزاها ثانيا في سنة اثنتين وعشرين وسبعماية وصحبته العساكر المصرية والشامية ، وتوجه إلى فتح مدينة أياس وهي على ساحل البحر ولها فيه ثلاثة حصون ، وهن أطلس وشمعة وأياس وبه تعرف المدينة ، فنازلوها ونصبوا عليها آلات الحصار وجدوا في القتال إلى أن فتحوا المدينة ، ثم شرعوا في حصار الحصن الأطلس وهو حصن منيع في قاموس البحر ، فنصبوا عليه أيضا آلات الحصار ، ثم صنعوا جسرا على البحر طوله ثلثمائة ذراع ، فلما رأى الأرمن ذلك ارتاعت قلوبهم وهربوا بأموالهم وأولادهم ، فدخل العسكر في هذه الحصون المذكورة وحرقوا وهدموا وقتلوا ثم رجعوا فرحين مسرورين إلى أوطانهم. وفي هذا المعنى يقول الشيخ بدر الدين بن حبيب :
نحو أياس فرقة من جيشنا |
|
توجهوا كي يملكوا بقعتها |
فاقتلعوا قلعتها وفصّلوا |
|
أطلسها وفصلوا شمعتها |
ثم غزا تلك البلاد في نيابته الثانية في سنة خمس وثلاثين وسبعماية وجرت بينهم حروب وخطوب يطول شرحها ، ثم غزاها ثالث مرة في سنة ست وثلاثين ، وتوجه إلى قلعة النقير