وعدمه ، فقد عرفت من الأخبار التي تلوناها أنه لا يجوز الأخذ إلا أن يعطي بخصوصه ، فإنه يجوز له ، وحينئذ فهل يملكه بمجرد ذلك أم لا؟ المشهور بينهم الثاني.
ومما فرعوا على ذلك ، جواز رجوع المالك فيه ما دامت عينه باقية في يد الآخذ على القول المشهور ، فلو أتلفه بالأكل أو البيع أو نحو ذلك ، زال ملك المالك عنه ، والذي اخترناه في بعض المباحث المتقدمة في جلد المعاملات هو الأول ، وأنه يملكه بمجرد الأخذ ، ومن ذلك الهدايا ونحوها.
ثم إنه بعد الوصول إلى هذا الموضع وقفت على خبر في كتاب البحار نقلا عن الأمالي (١) روى فيه عن الحسين بن أبي العلاء في الحسن عن الصادق عليه وعلى آبائه السلام قال : «قال أمير المؤمنين عليهالسلام دخلت أم أيمن على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي ملحفتها شيء. فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما معك يا أم أيمن؟ فقالت : فلانة أملكوها ، فنثروا عليها ، فأخذت من نثارها ، ثم بكت أم أيمن وقال : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله فاطمة زوجتها ولم تنثر عليها شيئا فقال رسول الله : يا أم أيمن لم تكذبين فإن الله عزوجل لما زوجت فاطمة عليا عليهالسلام أمر أشجار الجنة أن تنثر عليهم من حليها وحللها ، وياقوتها ودرها وزمردها وإستبرقها فأخذوا منها ما لا يعلمون» الحديث.
وربما ظهر من هذا الخبر أن النثار سنة وتقريره (صلىاللهعليهوآله) أم أيمن على ما أخذته من النثار ظاهر في حله ، ويمكن على هذا أن يقال في الجمع بين هذا الخبر وبينما تقدم من الأخبار ، أنه إن أخذ النثار على جهة الانتهاب من غير أن يعلم بشاهد الحال والإباحة والاذن في أخذه فهو محرم ، كما دلت عليه الأخبار المتقدمة ، وإليه يشير قوله في صحيحة علي بن جعفر «يكره كل ما انتهب» ، وإن أخذ مع العلم بالاذن والإباحة في أخذه فهو حلال ، وعليه يحمل هذا الخبر ، فيكون فيه دليل على ما قدمنا نقله عن الأصحاب ، والله العالم.
__________________
(١) مستدرك الوسائل ج ٢ ص ٤٣٦ ب ٣٠ ح ١ ، أمالي الصدوق في المجلس ٤٨ ح ٣.