وهذا هو الذي يتعدى إليه تحريم الرضاع بمعنى أنه بعد تحقق النكاح الصحيح ، فكما أنه تحرم الأم النسبية للزوجة ، فكذلك تحرم الام الرضاعية لدخولها في «أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ» ، وبنتها الرضاعية لدخولها مع الدخول بها في «رَبائِبُكُمُ» وهكذا ولا تنافي ذلك قوله عليهالسلام «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب». لأن ما ذكرنا من المصاهرة داخل في النسب.
والضابط هنا أن ينزل الولد من الرضاع منزلة الولد من النسب فأمه حينئذ بمنزلة الأم ، وأبوه بمنزلة الأب ، وأخته بمنزلة الأخت ، إلى آخر المحرمات ، ثم تلحقهم أحكام المصاهرة النسبية عينا أو جمعا.
وإن شئت زيادة توضيح في المقام ليسهل تناوله لجملة الأفهام فنقول :
فإن النسب قد يكون وحده سببا في التحريم ، وقد يكون مع المصاهرة وذلك فإن تحريم الام على ابنها إنما هو من حيث الأمومة ، وتحريم البنت على أبيها إنما هو من حيث البنتية وهكذا باقي المحرمات السبع فهذا تحريم بالنسب خاصة ، ومثل تحريم أم الزوجة وقع من حيث الأمومة ومن حيث التزويج بابنتها ، والأول هو الجزء النسبي ، والثاني المصاهرة ، إذ لو لم تكن اما لم تحرم ، ولو لم يتزوج ابنتها لم تحرم أيضا ، ومثله تحريم الربيبة وقع من حيث البنتية ، ومن حيث الدخول بأمها ، وهكذا جملة محرمات هذه المصاهرة ، فالعلة في التحريم هنا مركبة من جهة النسب والمصاهرة فصح بهذا قوله عليهالسلام «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب». بحمل المحرم النسبي على ما هو أعم من كونه علة تامة أو جزء العلة ، وفي الغالب إنما يطلق على هذا تحريم المصاهرة ، ولذا تراهم في تعداد أسباب المحرمات يجعلون ما يحرم بالنسب فسيما لما يحرم بالمصاهرة.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن التحريم في الرضاع فرع على هذا التحريم بكلا فرديه ، بمعنى أنه إذا أرضعت امرأة بلبن اخرى الرضاع المحرم كانت ابنة لها والفحل أبا وأولادهما اخوة ، واخوة الفحل وأخواته أعماما وعمات ، واخوة المرضعة