بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ، ما لم يتعمد ذلك». ورواه في الفقيه إلا أنه قال : وأهل البوادي من أهل الذمة ، مكان أهل السواد والعلوج.
قوله عليهالسلام «ما لم يتعمد ذلك» يعني على وجه التلذذ به ، والميل إليه ، وجملة من أصحابنا المتأخرين ، ومنهم صاحب المسالك وغيره ، قد جروا على القول المشهور ، واستدلوا بهذه الأخبار ، مع ما هي عليه من الضعف ، باصطلاحهم ، وغمضوا العين ، لانسداد طريق العذر عليهم ، وكل ذلك ناش من ضيق الخناق في هذا الاصطلاح ، الذي هو إلى الفساد ، أقرب منه إلى الإصلاح.
ثم إن الظاهر من رواية عباد بن صهيب ، هو تعليل الجواز ، بعدم امتثالهم النهي ، إذا نهوا عن ذلك ، والشيخان وتبعهما جملة من المتأخرين ، عللوا ذلك بأنهن بمنزلة الإماء.
ووجهه في المسالك حيث إن المصنف ممن علل بذلك ، قال : إنما كن بمنزلة الإماء ، لأن أهل الذمة في الأصل للمسلمين ، وإنما حرمهن التزام الرجال ، بشرائط الذمة ، فتبعهم النساء ، فكان تحريمهن عارضيا ، والإماء كذلك وإنما حرمهن ملك المسلمين لهن ، انتهى ، ولا يخفى ما فيه.
نعم ربما كان بناءهم في ذلك ، على ما رواه أبو بصير (١) عن أبي جعفر عليهالسلام قال «إن أهل الكتاب مماليك للإمام». وحينئذ فيكون نسائهم بمنزلة الإماء في الجملة.
وأما ما ذهب اليه ابن إدريس ، فهو جيد على أصله الغير الأصيل ، ومذهبه الذي خالف فيه العلماء ، جيلا بعد جيل ، والآية التي استند إليها مخصصة بالأخبار في هذا الموضع ، وغيره من المواضع المتقدمة ، كمسألة النظر إلى من يريد تزويجها أو شرائها ، ومسألة النظر إلى الوجه واليدين.
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٥٨ ح ١١ ، وفي التهذيب عن زرارة برواية أخرى ج ٧ ص ٤٧٨ ح ١٢٦ ، الوسائل ج ١٤ ص ٤٢٠ ب ٨ ح ١ وج ١٥ ص ٤٧٧ ح ١.