قال في المسالك بعد ذكر المسألة (١) : فقد ذهب الشيخ إلى التحريم استنادا إلى روايات تدل بإطلاقها عليه ، وهي مع ضعف سندها محمولة على الإفضاء ، وقوفا على موضع الوفاق وتمسكا بصحة العقد. انتهى.
أقول : ظاهر كلامه أن هنا روايات أخر ندل على ما دلت عليه هذه الرواية من التحريم المؤبد بمجرد الدخول ، ولا أعرف له وجها ، فإن ما ذكرناه من الأخبار هو جميع ما ورد في المسألة ، وليس فيها مما يدل على التحريم المؤبد غير هذه الرواية ، مع ما عرفت من عمومها للإفضاء وعدمه ، لأنه رتب التحريم المؤبد على مجرد الدخول ، وما عداها من أخبار المسألة ، فغاية ما يدل عليه هو النهي عن الدخول ، وأنه مع فعله وحصول العيب فإنه يضمن ذلك ، وليس فيها تعرض للتحريم المؤبد بالكلية ، أفضي أو لم يفض.
ورواية حمران المتضمنة للإفضاء إنما تضمنت ذلك أيضا ، ولا تعرض فيها للتحريم المؤبد ، فما ادعوه من الاتفاق على التحريم المؤبد مع الافتضاض ليس له مستند في الأخبار ، إلا إطلاق مرسلة يعقوب بن يزيد المذكورة.
وبذلك يظهر لك ما في قوله أنها مع ضعف سندها محمولة على الإفضاء فإنه إنما يتم لو كان في الأخبار ما يدل على التحريم المؤبد مع الإفضاء ، وقد عرفت أنها خالية من ذلك ، وإن أراد بتلك الروايات التي زعمها مستندا للشيخ ، هي ما قدمناه من الروايات المتضمنة للضمان مع العيب ففيه ما عرفت من أنه ليس في شيء من تلك الأخبار ما يدل على التحريم المؤبد الذي ادعاه الشيخ ، وبالجملة ، فإن كلامهم هنا لا يخلو من المجازفة والإجمال ، لعدم إعطاء التأمل حقه في روايات المسألة حسبما يقتضيه الحال ويزول به الاشكال.
ومنه يظهر أن ما ذهب اليه الشيخ من القول المذكور ، هو المؤيد المنصور وأن القول المشهور بمحل من القصور.
__________________
(١) وهي الخلاف في تحريمها بمجرد الوطي من غير إفضاء (منه ـ رحمهالله ـ).