لغير رسول الله صلىاللهعليهوآله فلا يصلح نكاح إلا بمهر ، وذلك معنى قوله تعالى (١) «وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ» قلت : أرأيت قوله (٢) «تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ» قال : من آوى فقد نكح ومن أرجى فلم ينكح ، قلت : قوله : «لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ» قال : إنما عنى به النساء اللاتي حرم عليه في هذه الآية (٣) «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ ـ إلى آخر الآية» ولو كان الأمر كما يقولون كان قد أحل لكم ما لم يحل له ، إن أحدكم يستبدل كلما أراد ولكن ليس الأمر كما يقولون ، إن الله عزوجل أحل لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما أراد من النساء إلا ما حرم عليه في هذه الآية التي في النساء».
وبهذا المضمون روايات مختلفة ، زيادة ونقصانا ، فروى في الكافي عن أبي بكر الحضرمي (٤) عن أبي جعفر عليهالسلام مثله بأدنى تفاوت إلا أنه ليس فيه حديث الإرجاء ، ورواه بطريق آخر عن أبي بصير (٥) عن أبي عبد الله عليهالسلام مثله إلا أنه ليس فيه حديث الإرجاء ولا الهبة ، وزاد أحاديث آل محمد عليهمالسلام خلاف أحاديث الناس.
وروى في الكافي والتهذيب عن أبي بصير (٦) عنه عليهالسلام مثله من دون الزيادة المذكورة ، إلا أنه قال فيه : «أراكم وأنتم تزعمون لكم ما لا يحل لرسول الله صلىاللهعليهوآله». ولا يخفى على من تأمل سياق الآيات هنا ما في هذه الأخبار من الاشكال ، بل الداء العضال ، وأشكل وأعضل من ذلك ما ذكره الثقة الجليل علي بن إبراهيم في تفسيره حيث قال «لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ» من بعد ما حرم عليه في سورة النساء قوله «وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ» معطوف على قصة امرأة زيد «وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ» أي لا يحل لك امرأة رجل أن تتعرض لها حتى يطلقها وتزوجها أنت ، فلا تفعل هذا الفعل بعد هذا. انتهى.
__________________
(١ و ٢) سورة الأحزاب ـ آية ٥٠ و ٥١.
(٣) سورة النساء ـ آية ٢٣.
(٤ و ٥ و ٦) الكافي ج ٥ ص ٣٨٩ ح ٤ وص ٣٩١ ح ٨ وص ٣٨٨ ح ٢.