أخذنه فهممن أن يفتحن التّابوت فقال بعضهنّ (١) : إنّ في هذا مالا ، وإنّا إن فتحناه لم تصدّقنا امرأة الملك بما وجدنا فيه. فحملنه كهيئته لم يخرجن منه شيئا حتّى دفعنه إليها ، فلمّا فتحته رأت فيه غلاما ، فألقي عليها منه محبّة لم يلق منها على أحد قطّ ، وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغا من ذكر كلّ شيء إلّا من ذكر موسى. فلمّا سمع الذّبّاحون بأمره أقبلوا بشفارهم إلى امرأة فرعون ليذبحوه ـ وذلك من الفتون يا ابن جبير ـ ، فقالت لهم : أقرّوه ، فإنّ هذا الواحد لا يزيد في بني إسرائيل ، حتّى آتي فرعون فأستوهبه منه ، فإن وهبه لي كنتم قد أحسنتم وأجملتم ، وإن أمر بذبحه لم ألمكم ، فأتت فرعون فقالت : قرّة عين لي ولك ، فقال فرعون : يكون لك فأمّا لي فلا حاجة لي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «والّذي يحلف به لو أقرّ فرعون أن يكون له قرّة عين كما أقرّت امرأته لهداه الله كما هداها ، ولكنّ الله حرمه ذلك». فأرسلت إلى من حولها ؛ إلى كلّ امرأة لها لبن / تختار له ظئرا ، فجعل كلّما أخذته امرأة منهنّ لترضعه لم يقبل على ثديها ، حتّى أشفقت امرأة فرعون أن يمتنع من اللّبن فيموت ، فأحزنها ذلك فأمرت به فأخرج إلى السّوق ومجمع النّاس ، ترجو أن تجد له ظئرا تأخذه منها ، فلم يقبل. فأصبحت أمّ موسى والها ، فقالت لأخته :
__________________
(١) في الأصل : «بعضهم» وهو لحن ، والتصويب من الروايات الأخرى.
__________________
قوله ظئرا هي المرضعة غير ولدها.