وبطل ما كانوا يعملون (فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ) وامرأة فرعون بارزة تدعو الله بالنّصر لموسى على فرعون وأشياعه ، فمن رآها من آل فرعون ، ظنّ أنّها إنّما ابتذلت للشّفقة على فرعون وأشياعه وإنّما كان حزنها وهمّها لموسى. فلمّا طال مكث موسى بمواعد فرعون الكاذبة ، كلّما جاءه بآية وعده عندها أن يرسل معه بني إسرائيل ، فإذا مضت أخلف موعده ، وقال : هل يستطيع ربّك أن يصنع غير هذا؟ فأرسل الله عزوجل على قومه (الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ ، آياتٍ مُفَصَّلاتٍ) ، كلّ ذلك يشكو إلى موسى ، ويطلب إليه أن يكفّها عنه ، ويوافقه على أن يرسل معه بني إسرائيل ، فإذا كفّ ذلك عنه ، أخلف موعده ، ونكث عهده. حتّى أمر موسى بالخروج بقومه ، فخرج بهم ليلا ، فلمّا أصبح فرعون ، فرأى أنّهم قد مضوا ، أرسل في المدائن حاشرين فتبعه بجنود عظيمة كثيرة ، وأوحى الله تعالى إلى البحر إذا ضربك عبدى موسى بعصاه فانفرق اثنتي عشرة فرقة ، حتّى يجاوز موسى ومن معه ، ثمّ التق على من بقي بعد من فرعون وأشياعه ، فنسي موسى أن يضرب البحر بالعصا ، فانتهى إلى البحر ، وله قصيف مخافة أن يضربه موسى بعصاه ، وهو غافل ، فيصير عاصيا لله.
__________________
قوله «قصيف» هو الصوت الهائل الذي يشبه صوت الرعد.