بابه حينا لا يؤذن لهما ، ثمّ أذن لهما بعد حجاب شديد ، فقالا : إنّا رسولا ربّك ، قال : فمن ربّكما؟ فأخبره بالّذي قصّ الله عليك في القرآن ، قال : فما تريدان؟ وذكّره القتيل فاعتذر بما قد سمعت / ، قال : أريد أن تؤمن بالله ، وترسل معى بني إسرائيل ، فأبى عليه وقال ائت بآية إن كنت من الصّادقين ، فألقى عصاه فإذا هي حيّة عظيمة فاغرة فاها ، مسرعة إلى فرعون ، فلمّا رآها فرعون قاصدة إليه خافها فاقتحم عن سريره ، واستغاث بموسى أن يكفّها عنه ، ففعل ثمّ أخرج يده من جيبه ، فرآها بيضاء من غير سوء ـ يعني من غير برص ـ ثمّ ردّها فعادت إلى لونها الأوّل ، فاستشار الملأ حوله فيما رأى ، فقالوا له : هذان ساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ، ويذهبا بطريقتكم المثلى ـ يعني ملكهم الّذي هم فيه والعيش ـ فأبوا على موسى أن يعطوه شيئا ممّا طلب ، وقالوا له : اجمع لهما السّحرة ، فإنّهم بأرضك كثير ، حتّى يغلب سحرك سحرهما ، فأرسل في المدائن فحشر له كلّ ساحر متعالم ، فلمّا أتوا فرعون قالوا : بم يعمل هذا السّاحر؟ قالوا يعمل بالحيّات ، قالوا : فلا والله ما أحد في الأرض يعمل بالسّحر بالحيّات ، والحبال والعصيّ الّذي نعمل ، وما أجرنا إن نحن غلبنا؟ ، قال لهم : أنتم أقاربي وخاصّتي ، وأنا صانع إليكم كلّ شيء أحببتم. فتواعدوا يوم الزّينة ، وأن يحشر النّاس ضحى. قال سعيد : فحدّثني ابن عبّاس : أنّ يوم الزّينة ، اليوم الّذي أظهر الله فيه موسى على فرعون والسّحرة ، هو يوم عاشوراء.