الله الّذي حدّث نفسه من ذلك ، قال له : يا موسى ، إنّ من عبادي من آتيته من العلم ما لم أوتك ، قال : أى ربّ ، من عبادك؟ قال : نعم. قال : فادللني على هذا الرّجل الّذي آتيته من العلم ما لم تؤتني حتّى أتعلّم منه ، قال : يدلّك عليه بعض زادك. قال لفتاه يوشع : (لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) وكان ممّا تزوّد حوت مملّح في زنبيل ، وكانا يصيبان منه عند العشاء والغداة ، فلمّا انتهيا إلى الصّخرة عند ساحل البحر وضع فتاه المكتل على ساحل البحر فأصاب الحوت ثرى (١) البحر ، فتحرّك في المكتل ، فقلب المكتل ، وانسرب (٢) في البحر.
(فَلَمَّا جاوَزا) حضر الغداة ، قال : (آتِنا غَداءَنا ، لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا / هذا نَصَباً) (٦٢) ذكر الفتى قال : (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ ، فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ ، وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ، وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً) (٦٣) فذكر موسى عليهالسلام ما كان
__________________
(١) في الدر المنثور (٤ / ٢٣٢): «ندى» بالنون والدال المهملة.
(٢) في الدر المنثور (٤ / ٢٣٢): «واسرب» بدون نون.
__________________
قوله : حقبا جمع حقب بالضم ، وهي ثمانون سنة وقيل أكثر.
قوله : حوت مملح في زنبيل الحوت : السمكة.
قوله : المكتل هو زنبيل يصنع من الخوص أي القفة.
قوله : ثرى البحر الثرى : التراب النديّ المبتل.