______________________________________________________
إذا استبان لي الفجر. فقال لي الرجل : ما يمنعك أن تصنع مثل ما أصنع؟ فإن الشمس تطلع على قوم قبلنا وتغرب عنا وهي طالعة على قوم آخرين بعد. قال (ع) : فقلت : إنما علينا أن نصلي إذا وجبت الشمس عنا وإذا طلع الفجر عندنا وليس علينا إلا ذلك ، وعلى أولئك أن يصلوا إذا غربت عنهم » (١). وإن كان المراد أنها تغيب بحسب النظر الخطئي لوجود حائل ونحوه عنها ، فوجوب الانتظار لا يدل على المشهور بوجه كما لا يخفى.
ومنها خبر محمد بن شريح عن أبي عبد الله (ع) : « سألته عن وقت المغرب فقال (ع) : إذا تغيرت الحمرة في الأفق وذهبت الصفرة وقبل أن تشتبك النجوم » (٢). وفيه : أن تغير الحمرة غير زوالها ، ومدعى المشهور هو الثاني دون الأول. فلم يبق ما يصلح دليلا للمشهور غير المرسلتين لا بني أشيم وأبي عمير. مع أن التعليل في أولتهما ظاهر في كون الحكم جارياً على المعنى العرفي في الغياب أعني : الغياب عن دائرة الأفق لا الغياب عن دائرة أخرى تحتها ، وزوال الحمرة إنما يقارن وصول الشمس تقريباً إلى الدرجة الرابعة تحت الأرض ، فلا يبعد الحمل على إرادة أن زوال الحمرة طريق قطعي إلى غياب الشمس عن دائرة الأفق ، بحيث لا يبقى احتمال كونها طالعة وأنها محجوبة بحائل من جبل أو غيره ، ولا سيما وأن تصرف الشارع الأقدس في الغروب وفي الليل ونحوهما مما جعل مبدأ الوقت لو كان ثابتاً لاشتهر النقل عنه ، لتوفر الدواعي اليه ، للابتلاء به في كل يوم ، فحمل لزوم الانتظار على كونه حكما ظاهرياً عند الشك أولى من حمله على كونه
__________________
(١) الوسائل باب : ١٦ من أبواب المواقيت حديث : ٢٢.
(٢) الوسائل باب : ١٦ من أبواب المواقيت حديث : ١٢.