في الحجية الفعلية مع احراز الحجية الشأنية) فما تقدم كان فيما شك في أصل الحجية ، وهنا حجية كلا الخبرين ثابت ، إلا أن الشك في حجية الفعلية كما في الشهرة والاجماع المنقول ، فالكلام في أصل حجيته ، وهنا لا إشكال في أن الخبر الواحد إذا كان عدلا ، في الجملة حجة ، لكن في صورة التعارض هل الخبر المرجوح حجة فعلية أم لا؟ فلا فرق (فان المرجوح وان كان حجة في نفسه) مع قطع النظر عن معارضته مع الراجح ، لأن قوله : صدق العادل ، يشمله قطعا (إلّا أن حجيته) أي المرجوح (فعلا مع معارضة الراجح بمعنى جواز العمل به) أي المرجوح (فعلا غير معلوم) فلا مسرح لاصالة البراءة عن التعيين في محتمله في المقام ، إذ : لا سبيل لها إلى موارد الشك في طريق الامتثال ، مع انها ـ على تسليم جريانها ـ لا يثبت جواز العمل بالآخر المشكوك الحجية ، فلا يجوز الأخذ به حينئذ بمقتضى ادلة حرمة التشريع (فالأخذ به) أي المرجوح (والفتوى بمؤداه) أي المرجوح (تشريع محرّم بالأدلة الأربعة ، هذا).
(والتحقيق أنا ان قلنا بأن العمل بأحد المتعارضين في الجملة) بأن نأخذ بالراجح ونطرح المرجوح ، أو بالعكس (مستفاد من حكم الشارع به) أي بالأخذ باحدى الروايتين اجمالا ، لا تخييرا (بدليل الاجماع ، والاخبار العلاجية) الآمرة بالأخذ بأحدهما بأن لا نسقطهما رأسا ، كقوله (ع) خذ باعدلهما ، وأوثقهما ، ونحوهما ، مما سيأتي إن شاء الله تعالى (كان اللازم ، الالتزام بالراجح وطرح المرجوح ، وان قلنا باصالة البراءة عند دوران الأمر في المكلف به بين التعيين والتخيير) وقلنا هاهنا أيضا من هذا القبيل ، مع ذلك لا نجري البراءة بل نحتاط ونأخذ بالراجح لأنه القدر المتيقن ، والمرجوح يصير مشكوك الاعتبار ، فيبقى تحت اصالة حرمة العمل (لما عرفت : من أن الشك في جواز العمل بالمرجوح فعلا) لأجل التعارض (ولا ينفع وجوب العمل به) أي بالمرجوح (عينا في نفسه مع قطع النظر عن المعارض فهو) أي العمل بالمرجوح (كامارة لم يثبت حجيتها أصلا) فكما إذا شككنا في حجية الاجماع أو الشهرة الفتوائية ، فنقول : الأصل