(قوله عليهالسلام : ما جاءكم عنا من حديثين مختلفين فقسهما على كتاب الله واحاديثنا ، فإن اشبههما فهو حق ، وان لم يشبههما فهو باطل) (١) (فانه) أي الشأن (لا توجيه لهاتين القضيتين) المذكورتين (الا ما ذكرنا من ارادة الابعدية عن الباطل ، والاقربية إليه) فما كان موافقا لكتاب الله هو أبعد عن الباطل بالنسبة إلى المخالف ، بحيث لو لم يكن المخالف لكان الموافق امارة تفيد الظن.
(ومنها : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) (٢) الريبة هي قلق النفس واضطرابها يسمى به الشك لأنّه يقلق النفس ويزيل الطمأنينة ، فإنه (دلّ على أنه إذا دار الأمر بين الأمرين ، في أحدهما ريب ليس في الآخر ذلك الريب يجب الأخذ به) أي بالثاني ، فإن الخبر المقرون بمزية من المزايا لا ريب فيه بالنسبة إلى الآخر ، لا أنه ليس له ريب بقول مطلق ، لمكان وجود احتمال كذب ، أو تقيّة ، أو نحوهما ، في الثاني دون الأول (وليس المراد) مما لا ريب فيه (نفى مطلق الريب) من جميع الجهات (كما لا يخفى) فإذا جعل مقابلة مما فيه ريب يكون لا ريب فيه هو الاضافي منه ، فيكون محصّل الرواية أنه إذا ورد أمر أن أحدهما فيه ريب ، والآخر ليس فيه هذا الريب ، يجب الأخذ بالثاني.
(وحينئذ فإذا فرض أحد المتعارضين منقولا باللفظ ، والآخر منقولا بالمعنى ، وجب الأخذ بالأول ، لأن احتمال الخطأ في النقل بالمعنى منفي فيه) بالنسبة إلى الثاني ، لأنه وان احتمل كذب الرواية من جهة الصدور ـ وهذا الاحتمال موجود أيضا في الآخر المنقول بالمعنى ـ لكن يوجد فيه احتمال الخطأ في فهم المراد وهذا الاحتمال منفي في المنقول باللفظ ، فحينئذ الخبر المنقول باللفظ أقرب إلى الواقع من معارضة المنقول بالمعنى ، لأن فيه احتمالان ،
__________________
(١) الوسائل : الجزء ١٨ ص ـ ٨٩. (الرواية : ٤٨).
(٢) الوسائل : الجزء ١٨ ص ـ ١٢٧. (الرواية : ٥٦).