يعمل بالخبر الذي) أعني العام والمطلق (إذا عمل به وجب اطراح العمل بالآخر) أي الخاص والمقيد (وان لم يمكن العمل بهما) أي بالخبرين (جميعا لتضادّهما ، وتنافيهما) فالانسان مخيّر في مقام العمل كما في المتباينين لما قد مرّ ذكره ، فإنّه اذا ورد : أكرم البصريين ، ولا تكرم البصريين ، ولم يكن هناك قرينة يرتفع بها التنافي عملوا فيهما بحكم المتعارضين من الترجيح أو التخيير ، ولم يكونوا يجمعوا بينهما بحمل كلّ منهما على طائفة من أهل البصرة ، وذلك أمر واضح لمن جاس خلال الدّيار ، وانس بطريقة العلماء الأبرار (أو أمكن حمل كل واحد منهما على ما يوافق الآخر على وجه كان الانسان مخيّرا في العمل بأيّهما شاء) كما في العموم والخصوص من وجه ، مثل : أكرم العلماء ولا تكرم الفساق ، يمكن بالتصرّف في العلماء بإن يجعل المراد من العلماء غير الفسّاق ، مع الاحتياج الى شاهد خارجي ، ويبقى : لا تكرم الفسّاق على عمومه وبالتصرّف في الفسّاق بإن يجعل المراد من الفسّاق غير العلماء مع الاحتياج الى شاهد خارجي ، فيبقى أكرم العلماء على عمومه ، وهذا نظير أغتسل للجمعة وينبغي الغسل في أنّه يحتاج الجمع بينهما الى التصرّف في أحد الطرفين لا بعينه ، أو حمل الأمر على الاستحباب فيجمع مع ينبغي ، أو حمل ينبغي على الوجوب فيجمع مع الأمر (انتهى) ما في العدّة.
(وهذا كلّه كما ترى) أنّ كلام شيخ الطائفة قده ، في الكتابين (يشمل حتّى تعارض العام والخاص ، مع الاتفاق فيه) أي في تعارض العام والخاص (على الأخذ بالنص) أي الخاص (وقد صرّح في العدّة في باب بناء العام على الخاص) ما ينافي لما ذكره هاهنا لأنّه قده قال في الباب المذكور (بانّ الرجوع الى الترجيح والتخيير ، أنما هو في تعارض العامين) من وجه (دون العام والخاص ، بل لم يجعلهما) أي العام والخاص المطلق (من المتعارضين أصلا) وأعلن موافقته للجمهور بتقديم الجمع الدلالي على ساير المرجّحات.