حيث الراوي (وترك العمل بقليل الرواة ، فإن كان رواتهما متساويين في العدد ، والعدالة عمل بأبعدهما من قول العامة ، وترك العمل بما يوافقهم ، وان كان الخبران موافقين للعامة) كما إذا ورد خبر بإن النبيذ بعد الغليان حرام ونجس ، وورد آخر حلال وطاهر ، فإن الأول مطابق لمذهب الشافعي ، والثاني مطابق لمذهب الحنفي (أو) كان الخبران (مخالفين لهم نظر في حالهما) أي في حال نفس الخبرين (فإن كان متى عمل بأحد الخبرين أمكن العمل بالآخر على وجه من الوجوه) كما في العام والخاص (و) أمكن العمل بالآخر على (ضرب من التأويل) كما في المطلق والمقيّد (واذا عمل بالخبر الآخر لا يمكن العمل بهذا الخبر الآخر وجب العمل بالخبر الذي يمكن مع العمل به) أي بهذا الخبر (العمل بالخبر الآخر) فلو ورد : أكرم العلماء ، وورد أيضا لا تكرم زيدا العالم ، فإن العمل بالخاص لا يمنع من العمل بالعام لانّا نعمل بالعام في الجملة فيما عدا زيد ، ففي الحقيقة اذا عملنا بالخاص يعمل بكليهما ، ولكنّ العمل بالعام يلزم منه طرح الخاص رأسا ، وهكذا بالنسبة الى المطلق والمقيد فلو ورد : اعتق رقبة وورد أيضا : اعتق رقبة مؤمنة فإن العمل بالمقيد يلزم منه العمل بالمطلق أيضا ، فعند عتق المؤمنة يصدق أنه أعتق رقبة ولا عكس اذ عتق الكافرة لا يصدق أنه اعتق رقبة مؤمنة ، والجمع مهما أمكن أولى (لأن الخبرين جميعا منقولان مجمع على نقلهما) بحمل العام على الخاص والمطلق على المقيد (وليس هنا قرينة تدلّ على صحّة أحدهما) أي أحد الخبرين (١) (ولا ما) أي مرجّح حتّى (يرجّح أحدهما على الآخر ، فينبغي أن يعمل بهما إذا أمكن ، ولا
__________________
(١) والمراد بالصحة عند القدماء ، عبارة عن الوثاقة فيشمل خبر غير الامامي العادل كالعامي والفطحي والواقفي وغيرهم من فرق الشيعة غير الامامية اذا كانوا موثوقا بهم وعدولا في مذهبهم ولكن خبر الصحيح عند المتأخرين هو : عبارة عن أن يكون رواتهم عدولا إماميين ضابطين في نقل الحديث كما نبه عليه في المستدرك ما هذا لفظه : والصحيح عند القدماء أعم منه عند المتأخرين ج ٣ ، ٥٣٤.