(فان قلت : اللازم من ذلك) أي من جواز تأخير البيان عن وقت العمل (عدم جواز التمسك بأصالة عدم التخصيص في العمومات ، بناء على اختصاص الخطاب بالمشافهين) وعدم شموله من تأخر عن زمن الخطاب ، كما هو المعروف من مذهب الاصحاب ، وأن ذهبت الحنابلة على ما حكي عنهم الى جواز توجيه الخطاب نحو المعدومين (أو فرض الخطاب في غير الكتاب) لو فرضنا أن كتاب الله كالكتب المصنّفة لا يختصّ بالمشافهين ، لكن في غير الكتاب كخطابات النبيّ (ص) والاوصياء العترة الطاهرة (ع) فهي مختصّة جزما بالمشافهين (اذ لا يلزم من عدم المخصّص لها) أي للعمومات (في الواقع ارادة العموم ، لأنّ المفروض حينئذ) أي حين عدم المخصّص إمكان (جواز تأخير المخصّص عن وقت العمل بالخطاب).
(قلت : المستند في اثبات أصالة الحقيقة) في الظواهر (باصالة عدم القرينة قبح الخطاب بالظاهر المجرّد) عن القرينة (وارادة خلافه) أي خلاف الظاهر (بضميمة أنّ الأصل الذي استقرّ عليه طريقة التخاطب هو أن المتكلّم لا يلقي الكلام إلا لأجل ارادة تفهيم معناه الحقيقي ، أو المجازي فاذا لم ينصب) المتكلّم (قرينة على إرادة تفهيم المجاز تعيّن ارادة الحقيقة) أي العموم (فعلا ، وحينئذ فان اطلعنا على التخصيص المتأخر) عن وقت العمل بالعام (كان هذا كاشفا عن مخالفة المتكلّم لهذا الأصل) أي القاعدة (لنكتة) ولمصلحة راعاها ، وأنّ تكليف المشافهين أنّما كان بالعموم ظاهرا دون الواقع (وأمّا اذا لم نطّلع عليه) أي على المخصّص (ونفيناه بالاصل) أي باصالة عدم المخصّص (فاللازم) من ذلك أي من أصالة الحقيقة (الحكم بارادة تفهيم الظاهر فعلا من المخاطبين) يعني يتعلّق تكليف المشافهين في الواقع بالعموم ، فيثبت ذلك في حقنا ايضا ـ بدليل الاشتراك في التكليف كما قال ـ (فيشترك الغائبون معهم) أي مع المخاطبين في هذا الحكم ، فتجويز تأخير المخصّص عن وقت العمل