كانت القرينة موجودة ، ان (كان) من قبيل المجاز ، و (المخصص مثلا دليلا علميا) ايضا من جميع الجهات ، فهو بنفسه رافع لموضوعها و (كان) المخصص ، أو المجاز (واردا على الاصل المذكور) وهو : اصالة الحقيقة والعموم ، فلو ورد اكرم العلماء ، وقام التواتر على حرمة اكرام النحاة (فالعمل بالنص القطعي) وهو الخاص القطعي سندا ودلالة (في مقابل الظاهر ، كالعمل بالدليل العلمي في مقابل الأصل العملي).
فكما أنه وارد على الأصل العملي ، كذلك يكون واردا على الأصل اللفظي (وان كان المخصص ظنيا معتبرا) مراده من حيث الصدور ، وأما من جهة الظهور فسيأتي فرض ذلك (كان) الخاص (حاكما على الأصل) وهو : العموم ، فاذا ورد خبر بعدم جواز اعطاء الزكاة لشارب الخمر مثلا ، فلا يراد من قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ) هذا الفرد ، اذ : بمقتضى ادلة اعتبار سنده يكون كمقطوع الصدور ، من حيث ايجابه لرفع حكم تلك الاصول ، واعتبارها عن موردها وان لم ترفع موضوعها وهو الشك في شموله لشارب الخمر.
لأنّا لو لا ورود الخاص والتعبد بسنده ، حكمنا باستحقاق الفقير الشارب للخمر ، ولكن بعد جعل خبر العادل بمنزلة القطعي ، لا نعمل بالعموم في مورد شاب الخمر (لأن معنى حجية الظن) في جانب الخاص (جعل احتمال مخالفة مؤداه للواقع ، بمنزلة العدم في عدم ترتب ما كان يترتب عليه) أي على احتمال مخالفة المؤداة (من الاثر) من حيث احتمال الشمول (لو لا حجية هذه الامارة) أعني الخاص (وهو) أي لو لا هذه الامارة تعين (وجوب العمل بالعموم).
أن قلت : اذا وجد عام يحتمل وجود المخصص في الواقع في الاخبار التي لم يصل الينا.
قلنا : (فان الواجب) علينا (عرفا وشرعا) هو (العمل بالعموم (١) عند
__________________
(١) من : فان الواجب إلى هنا نسخة بدل.