(الثاني كون الرشد في خلافهم) فيصير أوثق نظرا إلى أن الغالب كون ما وافقهم مخالفا للحق والواقع ، فتكون على التقدير المزبور من المرجحات المضمونية ايضا ، لأن احد الخبرين إذا كان لبيان الحكم الواقعي والآخر لا لبيانه ، فلا شك أن مضمون الأول أقوى من الثاني ، فيكون المراد من قوله «ع» : فإن الرشد في خلافهم ، هو أقربية مضمون الخبر المخالف للعامّة من الخبر الموافق لهم لأنه يحتمل في الموافق ما لا يحتمل في المخالف (كما صرّح به في غير واحد من الأخبار المتقدّمة و) كما يستفاد من (رواية عليّ بن اسباط قال قلت للرضا عليهالسلام : يحدث الأمر) أي واقعة ، أو مسئلة لا نعلم حكمها (ولا اجد بدا) يعني جاره أي (من معرفته) أي حكم الأمر (وليس في البلد الذي أنا فيه أحد استفتيه) أي الأمر (من مواليك) أي محبيك (فقال «ع» ائت فقيه البلد) من العامة (واستفته) أي فقيه البلد (في امرك ، فإذا افتاك بشيء فخذ بخلافه ، فإن الحق فيه) (١) أي في خلافه ، فهذا الخبر محمول في صورة عدم معرفته بالحكم ، ولو في صورة عدم التعارض.
(وأصرح من ذلك كله) بالتزام غلبة البطلان في أحكامهم (خبر ابي إسحاق الأرجائي) ـ وفي الوسائل أرجاني بالنون ـ (قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : أتدري لم أمرتم بالأخذ بخلاف ما يقوله العامة فقلت : لا أدري ، فقال «ع» : أن عليا صلوات الله عليه لم يكن يدين الله بشيء الا خالف عليه العامة ارادة لابطال امره ، وكانوا يسألونه صلوات الله عليه عن الشيء الذي لا يعلمونه ، فإذا افتاهم بشيء جعلوا له) أي لما افتاه صلوات الله عليه (ضدا من عندهم ليلبسوا) الحق (على الناس) (٢) ويدل على سلوكهم مع الأئمة عليهم الصلاة والسلام على هذا النهج ويذكره قده عن قريب ما حكى عن أبي حنيفة من قوله : خالف جعفرا «ع» في كل ما يقول ـ أو يفعل خ ـ ل ـ إلا أني لا أدري أنه يغمض عينيه
__________________
(١) الوسائل : الجزء ١٨ (ص ـ ٨٢) الرواية : ٢٣.
(٢) الوسائل : الجزء ١٨ ص ـ ٨٣ (الرواية : ٢٤).