بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها)(١) ظاهران في نفي الجبر والتفويض ، لا نصّان ، فإذا كان القرآن ظاهرا ، والرواية نصّا يجب طرح النّص لأجل مخالفته للكتاب ، لأنّ المراد من طرح المخالف والأخذ بالموافق لا يكون كثيرا ، إلّا في الصّورة الأولى ، لأنّ الثانية والثالثة أما غير موجودة ، أو نادرة ، فمعنى الأخذ بالموافق طرح المخالف الأخصّ وإن كان نصّا ، وتقديم النّص على الظاهر يكون في غير مورد الكتاب.
وعلى هذا (أنّ الخبر المعتضد بظاهر الكتاب لا يعارضه خبر آخر ، وإن كان) الخبر الآخر (لو انفرد) أي كان المخالف بلا معارض (رفع اليد به) أي بهذا الخبر (عن ظاهر الكتاب) فنخصّص الكتاب به ـ بناء على جواز تخصيص الكتاب بالخبر ، كما مرّ مرارا.
(وأمّا الأشكال) الأوّل (المختص بالمقبولة من حيث تقديم بعض المرجّحات على موافقة الكتاب ، فيندفع بما أشرنا إليه سابقا من أنّ الترجيح بصفات الراوي فيها) أي المقبولة (من حيث كونه) أي الراوي (حاكما) لا من حيث كونه راويا (وأوّل المرجّحات الخبريّة) من حيث الرواية لا من حيث الحكم (فيها) أي في المقبولة (هي شهرة احدى الروايتين ، وشذوذ الأخرى ، ولا بعد في تقديمه) أي في تقديم الشهرة (على) اعتبار (موافقة الكتاب) لأنّ الموافق للمشهور أن كان موافقا للشهرة الفتوائيّة يسقط الآخر ، للأعراض ، وإن كان موافقا للشهرة في الرواية فإن بلغت الشهرة حدّ الاجماع بأن أجمع كلّهم الّا الشاذ على نقل تلك الرواية يخرج الآخر عن الحجية ، لأنّه لا داعي على اتفاق الكلّ على الرواية إلّا العمل بها ، وإلّا فلا داعي على أطباقهم على نقلها وترك الشاذ ، فهنا أيضا يخرج الشاذ عن الحجية ، لأنّ العمل على خلافه وإن كان بمعنى المعروفية قل أو كثر ، لا الاطباق ، مقابل نقل واحد للخبر الآخر فتقديمها
__________________
(١) الأنعام : ١٦٠.