معارض ، أم لا؟ (من حيث أنّ الصّورة الثالثة) أعني كون المخالفة على نحو العموم والخصوص من وجه ـ الّتي علم من البيان السابق انحصار حصول الترجيح فيها دون غيرها ـ (قليلة الوجود في الأخبار المتعارضة) ولا يناسب ذلك مع تلك الضابطة الكلّية (والصّورة الثانية) أعني كون المخالفة على وجه التباين (أقل وجودا) من الثالثة (بل معدومة الوجود ، فلا يتوهّم حمل تلك الأخبار عليها) إذ حمل المطلق على الفرد النادر ، بل المعدوم مستهجن (وان لم تكن) موافقة الكتاب (من باب ترجيح أحد المتعارضين) بل لبيان تمييز الحجّة وتعيينه لأنه لا بدّ في حجية الخبر أن لا يكون مخالفا للكتاب والسنّة القطعيّة (لسقوط المخالف عن الحجية مع قطع النظر عن التعارض) أيضا.
(ويمكن) دفع الايراد عن الثاني ، أعني دفع اشكال قلّة المورد بالتعميم في مورد الأخبار حتّى يشمل جميع صور الموافقة للكتاب والمخالفة.
وعليه فالصّورة الأولى ، أعني ما كان من قبيل العام والخاص المطلق أيضا مشمول لتلك الأخبار. وسيأتي قريبا توضيحه في الكتاب.
وهذا هو المراد بقوله ويمكن (التزام دخول الصّورة الأولى) أعني كون المخالفة على نحو العموم المطلق (في الأخبار الّتي أطلق فيها الترجيح بموافقة الكتاب) سواء فرض له معارض ، أم لا؟ (فلا يقلّ موردها).
(وما ذكر من ملاحظة الترجيح بين الخبرين المخصّص أحدهما لظاهر الكتاب ممنوع ، بل نقول : أنّ ظاهر تلك الأخبار) التي أطلق فيها الترجيح بموافقة الكتاب (ولو بقرينة لزوم قلّة المورد ، بل عدمه ، وبقرينة بعض الروايات الدالّة على رد بعض ما ورد في الجبر والتفويض بمخالفة الكتاب ، مع كونه) أي كون الكتاب (ظاهرا في نفيهما) أي الجبر والتفويض ، فإنّ قوله تعالى : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ)(١) وقوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ، وَمَنْ جاءَ
__________________
(١) البقرة : ٢٨٦.