على كلا الفريقين (ولو ادعى ورود اخبار التخيير) عند فقد المرجّحات (على ما يقتضيه التوقف جرى مثله) أي اخبار التخيير (على القول باصالة الحظر) أيضا ، فلا اعتراض له على من يعتقد تقديم الحاظر ، لأنّ هذا ايضا يقول بالتوقف العملي.
(ثمّ أنّه يشكل الفرق بين ما ذكروه من الخلاف في تقدّم المقرّر على الناقل) بأنّ الأصوليين عنونوا مسئلة الناقل والمقرّر وذكروا فيها الخلاف (وان حكى عن الاكثر تقدّم الناقل) وعن بعضهم تقدّم المقرّر وهو الاقلّ منهم.
وذكروا ايضا مسئلة الحاظر والمبيح (و) لكن ظاهر كلماتهم (عدم ظهور الخلاف في تقدّم الحاظر على المبيح) فخلافهم في الاولى ينافي وفاقهم في الثانية.
وبعبارة أخرى : يرد الاشكال على المشهور من حيث أنّ في مسئلة الناقل والمقرر لم يكن الاخذ بالناقل اجماعيا ، وفي مسئلة المبيح والحاظر يدّعون الاجماع على تقديم الحاظر فيقولون في المسألة الاولى ان الناقل مقدّم ، ويقولون هذا فتوى المشهور ، وفي مسئلة الحاظر والمبيح يقولون أنّ تقديم الحظر اجماعي فكيف التوفيق؟ مع أنّ هذه المسألة أعني مسئلة الحاظر والمبيح من جزئيات مسئلة الناقل والمقرّر.
(ويمكن) دفعه ورفع الاختلاف والمنافاة بينهما بأنّ (الفرق) بين المسألتين (بتخصيص المسألة الأولى) أعني مسئلة النّاقل والمقرّر (بدوران الأمر بين الوجوب وعدمه) أي بين الوجوب وغير الحرمة من الاباحة أو الاستحباب ، ومسئلة الحظر والاباحة في غيره ، فلا منافاة حينئذ بين كون المسألة الأولى باطلاقها خلافيّة ، وكون مسئلة تقديم الحاظر على المبيح وفاقيّة ، فإنّ هذه المسألة على هذا التقدير ليست من جزئيات تلك المسألة بل هي مسئلة أخرى أجنبية عنها.