أمّا أوّلا : فلأنّه (أنّما يتم لو أراد الترجيح بما يقتضيه الأصل) أي القاعدة الاوليّة من أنّ الأصل في الأشياء الحظر أو الإباحة ، فاختار هو أنّ الأصل الأوّلى يقتضي التوقف أو التخيير (لا بما ورد التعبّد به من الاخذ باحوط الخبرين) يعني بعد ما وردت الرواية أنّ الموافقة للاحتياط مرجّح ، فلا معنى للتوقف أو التخيير.
وأمّا ثانيا : (مع أنّ ما ذكره من استفادة الحظر أو الاباحة من الشرع لا ينافي ترجيح احد الخبرين بما دلّ من الشرع على اصالة الاباحة مثل قوله (ع) : كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي) (١) فالقائل بالاخذ بما يوافق أصل الاباحة يعتمد على قوله عليهالسلام : كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي ، معناه ما لم يعلم ورود النهي فحكمه الاخذ بطرف الاباحة (أو) دلّ من الشرع (على اصالة الحظر مثل : دع ما يريبك الى ما لا يريبك) فبهذا الحديث تقدّم جانب الحظر أي الرواية الدالة على الحرمة فالاخذ بها لا ريب فيه ، لانّا اذا اخذنا بمضمونها تركنا الفعل فان كان محرّما واقعا فقد تركناه ، وان كان مباحا فلا يحرم ترك المباح ، فهذا يكون مرجّحا.
وأمّا ثالثا : (مع أنّ مقتضى التوقف على ما اختاره لما كان وجوب الكفّ عن الفعل على ما صرّح هو به) أي بوجوب الكفّ (وغيره) أي غير الشيخ الطّوسي قده (كان اللازم بناء على التوقف العمل بما يقتضيه الحظر) لأنّ وجوب التوقف له معنيان.
أحدهما التوقف عن الفتوى بالحكم الواقعي الذي هو مضمون كلّ واحد من الخبرين ، وعلى هذا ، الحق مع الشيخ قده لأنه تقوّل بلا علم. وأمّا المعنى الآخر الذي يوجب التوقف هو التوقف العملي مجرّد الترك في الخارج ، فالحقّ مع من يقول بتقديم رواية الحاظر اذ نتيجته هو التوقف العملي ، فكيف ينكر
__________________
(١) الوسائل : الجزء ١٨ ص ١٢٧ (الرواية : ٦٠).