(و) القسم الثاني : (مثل قوله) أي قول الراوي بان كانتا متباينين وظاهرين ، نظير : (أغتسل يوم الجمعة) (١) (بناء على أن ظاهر الصيغة) للأمر (الوجوب ، وقوله) أي الآمر (ينبغي غسل الجمعة بناء على ظهور هذه المادة) أي ينبغي (في الاستحباب ، فان الجمع يحصل برفع اليد عن ظاهر أحدهما) ففي صورة كون الدليلين ظاهرين ، سواء كانا من قبيل العامين من وجه ، أو متباينين ، فان كان أحدهما نصا أو أظهر قدم على الظاهر أو غير الأظهر ، فيرجع الى القسم الثاني حكما ، بمعنى تعين التصرف في غير الأظهر والنص.
(وحينئذ) أي حين جواز رفع اليد عن ظاهر أحدهما (فان كان) الظاهران متساويين. فتقديم أحدهما على الآخر ترجيح بلا مرجح ، فهو مما لا يرضى به العرف.
وأن كان (لاحد الظاهرين مزية وقوة على الآخر) بحسب الدلالة لأن الجمع العرفي مقدم على الترجيح بمرجحات السند بان يصلح أحد الظاهرين أن يكون قرينة لصرف الآخر عن ظاهره (بحيث لو اجتمعا في كلام واحد ، نحو رأيت أسدا يرمى ، أو اتصلا في كلامين لمتكلم واحد) كما اذا كان أحد الكلامين أظهر مثل : أن يقول أكرم العلماء ، ولا تكرم أحدا من الفساق ، أو كان أفراد العلماء العدول قليلا جدا ، فقال أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق ، بدون من.
ففي المثال الأول ، من حيث أن كلمة : من الزائدة في سياق النفي ـ على قول سعد الدين التفتازاني ـ فيكون أظهر مما ليس فيه كلمة من.
وفي المثال الثاني : حيث أن حمل أكرم العلماء على أفراد العدول نادر جدا يشبه الاستهجان ، فيكون نصا في العموم ، بخلاف لا تكرم الفسّاق ، فان حمله على غير العالم كثير الافراد جدا ، فلو صدرا في المثالين عن متكلم
__________________
(١) الوسائل الجزء ٢ ص ـ ٩٤٥ (الرواية : ١١).