بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسّلام على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على اعدائهم أجمعين ، الى يوم الدّين).
(خاتمة في التعادل والترجيح) قبل الخوض في المقام لا بدّ من تمهيد مقدّمة ، وهي انّه أعلى الله شأنه ، وأنار برهانه ، رتّب كتابه هذا على ثلاثة مقاصد ، وخاتمة.
المقصد الأوّل : في القطع ، وحاصله : أنّ القطع له طريقية وكاشفيّة ذاتيّة ، وهكذا وجوب العمل به بمعنى انّ الشارع لا يثبت الحكم ، ولا ينفيه ، لانّا اذا قطعنا بانّ المولى أوجب علينا الصلاة ، فنحن نكشف بانّ الصلاة واجبة ، والقطع محرّك ، فان لم يكن وجوب العمل به ذاتيا فحجيته موقوفة على بيان الشارع ، ولو كانت بيد الشرع لزم التسلسل لانّ ردع الشارع عنها ، أو إمضائها يحتاج الى القطع به ، فننقل الكلام الى قطعنا بحكم الشارع الامضاء والردع.
وهذا القطع كسابقة أيضا يحتاج الى بيان الشارع ، وهكذا فيتسلسل.
المقصد الثّاني : في الظن ، وحاصله : انّ للظن كشفا ذاتيا ناقصا ، ووجوب العمل على طبقه جعلي ـ لا انجعالي كالقطع ـ بمعنى أنّ الشارع أن شاء ينفي الحكم ، ولكن امتنانا وتسهيلا على العباد جوّز العمل على طبقه ، وقال : الق احتمال الخلاف كأنّك وصلت الى الواقع ، فإذا ظن المجتهد من الادلّة باستحباب الاقامة ، مثلا يقول : هذا ما أدّى إليه ظنّي ، وكلّما أدّى إليه ظنّى فهو حجّة فهذا حجّة.
المقصد الثالث : في الشك ، ومحصله : أمّا أن يلاحظ الحالة السابقة عليه أو لا يلاحظ ، فان لوحظ ، فالاستصحاب ؛ وأن لم يلاحظ فإن كان الشك في التكليف ، فمورد البراءة ، وأن كان الشك في المكلّف به فان امكن الاحتياط ،