ولا بد أن يكون سفرهما مباحا ، فلو كان معصية لم يعط ،
______________________________________________________
عليه بمجرد إقامة العشر أنه منشئ للسفر ، بل الحقّ جواز الدفع إليه في حال الإقامة أيضا وإن لم يرد إنشاء السفر ، لأنه يصدق عليه أنه مسافر عرفا وإن انقطع سفره شرعا ، بخلاف من يريد إنشاء السفر من بلده فإنه لا يصدق عليه اسم المسافر حقيقة فضلا عن كونه ابن سبيل.
ويعتبر في ابن السبيل الحاجة في السفر وإن كان غنيّا في بلده إذا كان بحيث يعجز عن التصرف في أمواله ببيع ونحوه. ولا يشترط فيه العجز عن الاستدانة عملا بالعموم. وحكى الشارح ـ قدسسره ـ عن المصنف في المعتبر أنه لم يعتبر في ابن السبيل العجز عن الاستدانة ولا عن بيع ماله ، ونفى عنه البعد عملا بإطلاق النص (١). وكأنّه بعيد.
قوله : ( ولا بدّ أن يكون سفرهما مباحا ، فلو كان معصية لم يعط ).
لا خلاف بين العلماء في عدم جواز الدفع إلى المسافر من سهم ابن السبيل إذا كان سفره معصية ، لما في ذلك من الإعانة له على الإثم والعدوان. وظاهر ابن الجنيد أنه لا تكفي الإباحة ، بل لا بدّ من كونه واجبا أو ندبا (٢). ومقتضى رواية عليّ بن إبراهيم اعتبار كونه طاعة ، لكنها مجهولة الإسناد.
وأجاب عنها في المختلف بأن الطاعة تصدق على المباح بمعنى أن فاعله معتقد لكونه مباحا ، مطيع في اعتقاده وإيقاع الفعل على وجهه (٣). وهو ضعيف جدا ، فإن الطاعة موافقة الأمر وهو لا يتعلق بالمباح ، وأما اعتقاد الإباحة فأمر خارج عن الفعل.
__________________
(١) المسالك ١ : ٦١.
(٢) راجع ص ٢٣٤.
(٣) المختلف : ١٨٢.