ومن يقدر على اكتساب ما يموّن به نفسه وعياله لا تحلّ له ، لأنه كالغنيّ. وكذا ذو الصنعة.
______________________________________________________
( يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ ) (١) أي المحتاجون ، ومن قصرت أمواله عن كفاية عامه فهو محتاج ، وفي الأخبار المتقدمة دلالة عليه.
احتج القائلون باعتبار ملك النصاب بما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال لمعاذ : « أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وتردّ في فقرائهم » (٢) فجعل الغنيّ من تجب عليه الزكاة ، ومقتضاه أن من لا تجب عليه ليس بغنيّ فيكون فقيرا.
وبأن مالك النصاب يجب عليه دفع الزكاة فلا يحلّ له أخذها للتنافي بينهما.
والجواب عن الرواية أولا بالطعن في السند ، فإنها إنما وردت من طريق الجمهور فتكون ساقطة ، وثانيا بمنع الدلالة ، إذ من الجائز أن يكون المراد بالأغنياء المزكين اعتبارا بالأكثر ، أو يقال : إن الغنى الموجب للزكاة غير الغنى المانع من أخذها وإطلاق اللفظ عليهما بالاشتراك اللفظي.
وعن الثاني بالمنع من التنافي بين من تجب عليه الزكاة ومن تدفع إليه ، فإنه مجرد استبعاد لا دليل عليه.
قوله : ( ومن يقدر على اكتساب ما يموّن به عياله لا تحل له ، لأنه كالغني ، وكذا ذو الصنعة ).
هذا هو المشهور بين الأصحاب ، ويدل عليه ما رواه الكليني في الحسن ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال ، سمعته يقول : « إن الصدقة لا تحلّ لمحترف ولا لذي مرّة سويّ قويّ فتنزهّوا عنها » (٣).
__________________
(١) فاطر : ١٥.
(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٣٠ ، والجامع لأحكام القرآن ٨ : ١٧٤.
(٣) الكافي ٣ : ٥٦٠ ـ ٢ ، الوسائل ٦ : ١٥٩ أبواب المستحقين للزكاة ب ٨ ح ٢.