شهود الزنا المعتبر فيه أربعة ( ولا يقنع بالواحد عملا بالمتفق عليه ) بعد الشك في أن ذلك من موضوع الشهادة أو الرواية ، ولا أصل ولا إطلاق ينقح أحدهما ، فيجري عليه حينئذ حكم الشهادة من التعدد ، ولو لأنه المتيقن بخلاف غيره.
ودعوى أن الأصل الرواية ـ لأن الشهادة قسم من الخبر ولكن اعتبر الشارع في بعض أفرادها التعدد ، فما لم يثبت فيه يبقى على عموم ما دل على قبول خبر العدل ـ يدفعها وضوح التباين بين الرواية والشهادة في العرف الذي هو المرجع في أمثالهما بعد معلومية عدم الوضع الشرعي فيهما وعدم الاجمال ، واعتبار التعدد في موضوع الشهادة ، لا أنه هو المميز لها عن الرواية ، وكون جنسهما الخبر لا يقتضي أنها قسم منه ، بل هما نوعان متمايزان في العرف الذي يمكن أن يقال إن الترجمة فيه قد تكون من الشهادة وقد تكون من الرواية ، لا أنها مطلقا شهادة أو رواية ، فحيث يراد بها إثبات ما يترتب عليه الحكم كشهادة الشاهد احتيجت إلى التعدد ، ضرورة أنها حينئذ بمنزلة شهادة الفرع التي لا بد فيها من التعدد ، لأنها شهادة حينئذ ، وحيث يراد فيها بيان المراد في غير ذلك كانت رواية ، ويكفي فيها الواحد ، ولعل منه بيان عبارة المجتهد مثلا لمقلديه ، أو بيان المراد من السؤال للمجتهد مثلا ليذكر حكمه ونحو ذلك مما لا يعد شهادة ، بل هو من قسم الرواية ولو بالمعنى.
وبالجملة فالمدار على تميز أفراد الشهادة والرواية المقابلة لها العرف ، فما كان من الأول اعتبر فيه التعدد ، للأدلة الدالة على اعتبار ذلك فيها من قوله تعالى (١) ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) بناء على استفادة ذلك منه ، وغيره ، وما كان من الثاني اكتفى فيه بالواحد ، لإطلاق
__________________
(١) سورة الطلاق : ٦٥ ـ الآية ٢.