فليس إلا الإنكار ، وانسياق القطع بالعدم منه لا ينافي كونه فردا آخر له مرجعه عدم استحقاق ما يدعيه عليه وإن لم يعلمه في نفس الأمر ، ضرورة اقتضاء تعلق الدعوى به استحقاق المدعى به عليه ، فإذا نفى العلم بسببه كان نافيا للاستحقاق المزبور الذي هو روح الدعوى عليه. وبذلك يكون منكرا لا يتوجه عليه إلا اليمين ، لموافقته للأصل وغيره ، ولا ينافي ذلك ما تسمعه من الأصحاب من غير خلاف فيه يعرف بينهم من اعتبار الحلف على البت في فعله نفيا وإثباتا المنزل على الصورة الغالبة من الإنكار ، بخلاف ما إذا كان إنكاره بالصورة الثانية ، فإنه يحلف على عدم العلم نحو يمين الوارث.
ولكن في مجمع البرهان انه « لو قال المنكر : إني ما أحلف على عدمه فاني ما أعلم بل أحلف على عدم علمي بثبوت حقك في ذمتي لا يكفي ، بل يؤخذ بالحق بمجرد ذلك حينئذ إن قيل بالقضاء بالنكول ، وبعد رد اليمين على المدعي إن لم نقل به ، ويحتمل قويا هنا عدم القضاء بالنكول وإن قيل به في غيره ، بل يجب الرد حينئذ ».
نعم قال بعد ذلك : « ويحتمل الاكتفاء في الإسقاط بيمينه على عدم علمه بذلك ، للأصل وعدم ثبوت ما تقدم والتأمل فيه ، فتأمل ـ ثم قال ـ : إن الأصل عدم ثبوت الحق في ذمته ، وطريق ثبوته الشهود ، والفرض عدمهم ، ولم يثبت دليل على أن إنكار المدعى عليه ودعوى عدم علمه بالحق وعدم حلفه على البت يوجب ثبوت الحق في ذمته أو موجب لرد اليمين على المدعي ، ويؤيده عموم قوله صلىاللهعليهوآله (١) : « البينة » إلى آخره ، فإنه يدل بظاهره على عدم اليمين على المدعي ، وأن يمين المنكر أعم من أن تكون على نفي المدعى أو على
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب كيفية الحكم.