اليمين على الشيء اليمين على البت خاصة ، ومقتضى ذلك عدم الاكتفاء باليمين على نفي العلم ، فينحصر قطع الدعوى وسقوطها في رد اليمين على المدعي ، إن حلف أخذ ، وإن نكل سقطت الدعوى ، وعدم وجوب إيفاء ما يدعيه عليه إلا مع العلم مسلم فيما بينه وبين الله تعالى ، ولكن لا ينفع في إثبات كفاية الحلف على نفي العلم في مقام الدعوى وإسقاطها ، وإن هو إلا عين النزاع. ومنه يظهر الوجه في منع كفاية عدم العلم في الحلف على نفي الاستحقاق المطلق المتبادر منه نفي الاستحقاق ولو في نفس الأمر ، ولا يمكنه الحلف عليه لإمكانه ، وعدم علمه به إنما يوجه له الحلف على عدم تكليفه في الظاهر بايفائه ، لا الحلف على عدم استحقاقه في الواقع ، وبينهما فرق واضح ، إذ هي كما ترى ، ضرورة أن الجزم المذكور في كلامهم لا يراد منه إلا الجزم في الصورة الأولى من الإنكار ، بمعنى أنه بعد تصريحه بالنفي الظاهر في العلم بالعدم في نفس الأمر لا يجزؤه إلا اليمين على ذلك ، لا ما إذا كان إنكاره من أول الأمر بنفي العلم.فإنه يكون نحو إنكار الوارث ، كما أن الوارث لو فرض إنكاره بالعدم في نفس الأمر كان يمينه كذلك ، ولا يجزؤه نفي العلم ، ولكن لما كان الغالب فيه الأول قالوا : إن يمينه على نفي العلم ، والغالب في غيره الإنكار بالنفي واقعا قالوا : إن يمينه على البت.
كل ذلك مضافا إلى معارضة أصل عدم سقوط الدعوى بمثل اليمين المزبورة بأصالة عدم ثبوت الحق بمثل هذه اليمين المردودة من الحاكم على المدعي ، وإنما المسلم منها يمين الإنكار التي امتنع عن إيقاعها مع تصريحه بالعلم بالنفي ، وعن ردها لا في مثل الفرض المذكور ، وترجيح الأول بموافقته لظاهر كلماتهم في اعتبار الجزم في الحلف ـ والفرض عدم إمكانه ، فينحصر طريق قطع الدعوى برد اليمين من المدعى عليه أو الحاكم مع