ولكن غيره قد جعله من القائلين بالقول الأول ، ولعله المنساق من مثل هذه العبارة التي عبر بنحوها القائل باعتبار ذلك في القضاء ، خصوصا بعد معلومية توقف القضاء عليه أو على البينة ، لقوله صلىاللهعليهوآله (١) : « إنما أقضي عليكم بالبينة أو اليمين ».
فحمل كلامه حينئذ خاصة على إرادة عدم توقف القضاء بالنصف على التحالف ، بل موكول إلى اختيارهما إن أراداه تحالفا ، وجرى حكم التحالف والنكول عليه ، وإلا قضي بينهما بالنصف بدونه لا يخلو من نظر. اللهم إلا أن يكون ذلك مراد الجميع بقرينة تقديم القضاء بالنصف على الحلف.
ولكن فيه أيضا أن مشروعية التحالف منهما تقتضي تحقق التداعي بينهما ، ولا يكون فصل فيه الذي هو بمعنى القضاء بين المتخاصمين إلا بميزانه من البينة أو اليمين ، وعدم تحليف من له اليمين لا يقتضي صحة القضاء بدونه ، بل أقصاه بقاء العين في يد المدعى عليه بالسبب المقتضي لذلك شرعا ، وحق الدعوى باق متعلق بهما إذا أسقط حقه بناء على قيام مثل ذلك مقام إحلافه ، فيحكم الحاكم حينئذ بكونها للمدعي على وجه لا تسمع الدعوى المزبورة فيها ، لأن ذلك هو معنى القضاء ، نعم لو لم يكن ثم تداع بينهما مثلا وقد ماتا والعين في أيديهما فهي على النصف بينهما شرعا من دون قضاء ، لعدم تداع ، وعلى تقديره من الورثة كان له القضاء به عليهم من دون يمين إن لم يدع بعضهم على بعض العلم بالحال ، وإلا توقف القضاء به على اليمين.
بل لعله أيضا كذلك في الأصيلين إذا ادعى أحدهما على الآخر أن يده من يده أو أنه عالم بكونه مبطلا وأن العين أجمع لصاحبه وإن لم
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب كيفية الحكم ـ الحديث ١ وفيه « إنما اقتضي بينكم بالبينات والأيمان ».